وفي ثالث ربيع الأول جلس السلطان بالميدان وعرض الأمراء الطبلخانات وخاصكية الخواص وعين منهم جماعة للسفر ، ثم طلع ودخل إلى قاعة البيسرية وفتح الحواصل وأخرج منها عدة سروج بلور وعقيق وكنابيش زركش وسروج ذهب وبركستوانات فولاذ مكفتة بذهب وغير ذلك وأفرد منها ما حسن بباله لأجل الطلب إذا خرج وسافر ، وهذا كله حتى يشاع بين الناس سفر السلطان إلى حلب.
وفي خامسه جلس السلطان بالميدان وعرض الأمراء الطبلخانات والعشراوات وألزم كل أمير أن يستخدم عنده مماليك شيء خمسة وشيء ثلاثة وشيء اثنان بحسب إقطاعه وقرر معهم أن بعد المولد الشريف يعرضهم قدامه بالميدان وهم باللبس الكامل والخيول الجيدة وكل من لم يفعل ذلك يخرجه عن إمريته ويجعله طرخانا.
وفي هذا اليوم نزل القاضي شهاب الدين بن الجيعان نائب كاتب السر عن لسان السلطان إلى أمير المؤمنين المتوكل على الله بسبب عمل برقه ، وقد كشفوا في الدفاتر القديمة فوجدوا أن الخليفة إذا سافر صحبة السلطان يكون جميع برقه على السلطان ، فكتب الخليفة قوائم بمصروف عمل للبرق فبلغ ذلك عشرة آلاف دينار وقيل خمسة آلاف دينار ، فأخذ الشهابي أحمد تلك القوائم وطلع بها إلى القلعة ليعرضها على السلطان.
وفي سادسه جلس السلطان بالميدان وعرض مماليكه الجلبان قاطبة وعينهم إلى سفر صحبته ولم يعف منهم سوى المماليك الصغار الكتابية المرد.
وفي سابعه رسم السلطان للطواشية بأن تدور على المماليك البطالة وأولاد الناس الذين كان السلطان قطع جوامكهم بأن يطلعوا يوم السبت للعرض ، فالذي يصلح للسفر يعيد السلطان له جامكيته ويكتبه للسفر.
وفي تاسعه جلس السلطان بالميدان وعرض جماعة من المماليك القرانصة من الشيوخ والعواجز وأولاد الناس أصحاب الجوامك ، فلما عرضهم عين منهم جماعة للشرقية وعين منهم جماعة مع كاشف الغربية وجماعة إلى البحيرة وجماعة منهم إلى الطرانة وجماعة إلى المنوفية وجماعة إلى منفلوط وجماعة إلى الجيزة [أمكنة حول مصر] وألزمهم بأن يكونوا مع الكشاف لرد العربان إذا ظهر منهم فساد وحفظ البلاد في غيبة السلطان إذا سافر وقويت الإشاعات بسفر السلطان إلى حلب. ودارت الطواشية على المماليك القرانصة وأولاد الناس بسبب هذا العرض حتى عين هؤلاء الجماعة إلى الجهات المذكورة.