وفي عاشره طلع إلى القلعة ودخل إلى قاعة البيسرية وعرض في ذلك اليوم بكاير وقرقلات وجواشن وغير ذلك أشياء كثيرة من آلات السلاح من حواصل الذخيرة.
وفي الرابع عشر منه ورد على السلطان مطالعة من عند سيباي نائب السلطان بالشام فأرسل يقول له : يا مولانا السلطان إن البلاد الشامية مغلية [غالية] والعليق والتبن لا يوجد والزرع في الأرض لم يحصد ولا ثم عدو متحرك ولا يتعب السلطان سره ولا يسافر ، وإن كان ثم عدو متحرك فنحن له كفاية ، فلم يلتفت السلطان إلى كلامه واستمر باقيا على حركة السفر إلى حلب.
وفي الثامن عشر منه أنفق السلطان على العسكر نفقة السفر وقد تحقق أمر خروج الجريدة فأنفق على كل مملوك مائة دينار وجامكية أربعة أشهر بثمانية آلاف وثمن جمل سبعة دنانير ، ثم السلطان كتب أولاد الناس قاطبة إلى السفر ولم يعطهم نفقة بل أعطاهم جامكية أربعة أشهر بثمانية آلاف ، وكان سبب ذلك أن القاضي شرف الدين الصغير كاتب المماليك قال للسلطان : إنا نظرنا في بعض التواريخ أن الملك الظاهر برقوق لما خرج إلى التجريدة لم ينفق على أولاد الناس شيئا ، فأعجب السلطان منه ذلك وقطع نفقة أولاد الناس قاطبة فكثر عليه الدعاء من أولاد الناس بسبب ذلك وكانت هذه الواقعة من أعظم مساويه في حق أولاد الناس وحصل لهم كسر خاطر شديد. وفي الحادي والعشرين منه وقف جماعة من أولاد الناس إلى السلطان بسبب النفقة ، فلما وقفوا له ساعدهم الأمير علان الدوادار وبقية الأمراء فلم يرث لهم السلطان وقال أنا ما عندي نفقة لهؤلاء فالذي لا قدرة له على السفر يرد الأربعة شهور الجامكية التي أخذها وأنا أترك له شهرا ويستريح وتنقطع عني جامكيته ، فرد جماعة كثيرة من أولاد الناس جامكية الأربعة شهور التي أخذوها واستمر أمرهم مبنيا على السكوت.
وفي الثالث والعشرين منه أكمل السلطان النفقة على العسكر قاطبة من قرانصة وجلبان ونادى عليهم في الحوش أن السفر أول الشهر ، فاضطربت أحوال العسكر وارتجت القاهرة وعز وجود الخيل والبغال والأكاديش فأغلقت الطواحين قاطبة وامتنع الخبز من الأسواق وكذلك الدقيق ووقع القحط بين الناس وضج العوام وكثر الدعاء وأغلقت أسواق القماش بسبب المماليك واختفى الصناع والخياطون واضطربت أحوال القاهرة ، واختفى جماعة من التجار خوفا من المماليك واختفى طائفة من الغلمان خيفة السفر ، وصارت