وفي السادس والعشرين منه نزل السلطان من القلعة وتوجه إلى الريدانية ورتب الفراشين كيف ينصبون الوطاق إذا برز السلطان للسفر ورتب منازل الأمراء وكيف تكون منازلهم بالريدانية.
وفي هذا اليوم رسم السلطان لولده أمير آخور كبير بأن يعمل برقه ويسافر صحبته وكان في الأول رسم له بأن يكون مقيما بباب السلسلة إلى أن يحضر السلطان ، ثم بطل ذلك ورسم له بأن يشرع في عمل برقه إلى السفر.
وفي السادس من ربيع الآخر برز السلطان خيامه إلى الريدانية وقد تحقق أمر سفره إلى البلاد الشامية ثم نادى العسكر في الميدان أن كل من جهز برقه ولم يبق له عاقة يخرج ويسافر ويتقدم قبل خروج السلطان ، ولكن إلى الآن لم يعلق السلطان الجاليش الذي هو مقدمة الجيش إذا سافروا إلى البلاد الشامية ، وكانت العادة أنهم إذا سافروا إلى البلاد الشامية يعلقون الجاليش قبل خروجهم بأربعين يوما فلم يمش السلطان على طريقة الملوك السالفة.
وفي هذا اليوم أرسل السلطان إلى أمير المؤمنين محمد المتوكل على الله نفقة السفر على يد حسام الدين الألواحي ألف دينار وكان الساعي له في ذلك الأمير طومان باي الدوادار الكبير ولو لا هو ما كان يرسل له شيئا ، فإن السلطان أرسل للقضاة الأربعة يقول لهم : اعملوا برقكم ، ولم يرسل شيئا من النفقة ، وقد حصل لهم غاية الكلفة والمشقة لأنه من حين سافر الأشرف برسباي إلى آمد سنة ست وثلاثين وثمانمائة لم يخرج الخليفة ولا القضاة الأربعة إلى البلاد الشامية صحبة السلطان. وكان للخليفة والقضاة الأربعة على السلطان عادة إذا سافروا إلى البلاد الشامية يرسل لهم نفقة السفر فتغافل السلطان عن ذلك.
ثم بعد أيام أرسل السلطان للخليفة سيفا مسقطا بالذهب على يد شخص من الزركاشية يقال له محمد العادلي ، وقد تقدم القول على أنه أرسل نوبة جام حديد فكان مجموع ما حصل له من السلطان من الإنعام ذهب وغير ذلك دون ألفي دينار ، وقد تكلف الخليفة في هذه الحركة على مصروف برقه وغير ذلك نحو الخمسة آلاف دينار أو أكثر.
وفي سابع ربيع الآخر حضر خليفة سيدي أحمد البدوي وقد حضر يطلب من السلطان ، فلما مثل بين يديه قال له : اعمل برقك حتى تسافر صحبتي إلى حلب ، فلما