ينتقدون فيها أمر تسليم خان قورت بك إلى ورثة شكري البليط وإني أرى أن هذا الانتقاد هو في محله من أوجه :
أولا : إن قلب هذا الخان من حالة الأجارة الواحدة إلى الأجارتين كان غير صحيح لأن العقار الموقوف ذا الأجارة الواحدة لا يجوز قلبه إلى أجارتين إلا إذا تهدم تماما وكان لا يوجد في الوقف المربوط به ما يساعده على تعميره وإرجاعه إلى حالته الأصلية مع أن بناية الخان المذكور الموجودة تحت المشاهدة تعلن بأنها قديمة ولم يطرأ عليها خراب ما.
ثانيا : إن متولي الوقف كان أقام دعوى على الورثة الموما إليهم واستحصل حكما شرعيا صودق عليه من مرجعه الإيجابي وهو مجلس التدقيقات الشرعية ، وبهذه الصورة قد صار هذا الحكم قضية محكمة لا مسوغ لإبطالها لا شرعا ولا قانونا.
ثالثا : إن هذه المسألة كانت قد وضعت على بساط البحث في مجلس الأوقاف الأعلى الذي انعقد في الشام سنة ١٩٢٢ م وقد تقرر في القرار رقم ٤٠ من مقررات هذا المجلس رد طلب الورثة الموما إليهم ، وقد جرى التصديق على جميع هذه القرارات ومن جملتها القرار المذكور من قبل مندوب المفوض السامي لدى مراقبة الأوقاف الإسلامية حضرة الموسيو جناردي وطبعت هذه المقررات ونشرت في كافة أنحاء سورية. ثم وضعت هذه القضية في جلسة المجلس المشار إليه في ٩ حزيران سنة ١٩٢٣ فصدر قرار نمرة (٣١) يصرح بأنه لم ير أمر جديد يوجب تعديل القرار السابق ذي الرقم (٤٠) وأن ما ذكر في كتاب حضرة المندوب من وجود إرادة سنية تقضي بقاء الحكم المذكور بلا تنفيذ لم يظفر بها بين الأوراق المذكورة ، بل ذكر في أواخر قرار الشورى العثماني المؤرخ في ٢٩ تشرين الأول سنة ١٣٢٨ ما يفهم منه عدم وجود إرادة سنية بتأخير التنفيذ فلم يبق صلاحية لمجلس الأوقاف الأعلى للبحث في المسألة المذكورة مرة ثانية وعليه تقرر إعادتها لحضرة المندوب المشار إليه.
وبناء على ما ذكر فإني أعتقد أن القرار الصادر أخيرا بلزوم تسليم الخان المذكور للورثة الموما إليهم قد حصل من باب السهو. نعم يمكن أن يقال إن الورثة الموما إليهم والأصح أن مورثهم قد تضرر في هذه القضية ، فحبا للعدالة التي تخلص الذمة أمام الله يمكننا أن نقول في مثل هذه الحالة إن الجهل معذرة وبناء عليه يلزم أن يحسب ما كان دفع بدلا عن استفراغ هذا الخان وما صرف على ما جدد فيه ومقابلة ذلك ما استغلوا من آجاره مدة وجوده تحت يدهم