وأدخل في نظامها من العلوم ما عدا الآلية والدينية علم الأخلاق (وهذا العلم مع شدة الحاجة إليه لم يكن درسا يتلقى بل يكتفي الطلاب من شاء منهم بمطالعته من نفسه) وعلم التاريخ الإسلامي والإنشاء والجغرافيا وقانون الحقوق الطبيعية وقانون الأراضي وأحكام الانتقالات وأحكام الأوقاف وعلم الحساب.
والمدرسة في هذه السنة وهي سنة ١٣٤٣ ذات خمسة صفوف انتظم في سلكها نحو ثمانين طالبا ، والامتحانات التي حصلت في السنتين الماضيتين دلت على نجاح تام ومستقبل زاهر ونيطت عرى الآمال بأنها ستخرج عما قريب علماء متفننين يتمكنون من خدمة دينهم وأوطانهم ونشر ألوية العلم على ربوعها.
قلنا آنفا إن المدرسة أثناء الحرب العامة شغلت بالعساكر ومرضاهم ثم ببعض الفقراء الغرباء ، وأن ذلك عطل محاسن حجرها وذهب برونقها ، فقبيل افتتاحها وجه مدير الأوقاف المذكور همته إلى ترميمها وإتمام الحجر التي في الجهة الشرقية لأنها لم تكن كاملة حتى صارت صالحة للسكنى.
وبنى في آخر الرواق الشمالي من الجهة الشرقية قصطلا يأتيه الماء من القناة وجلب إلى هذا المكان الماء من ماء عين التل الذي يمر من شرقي المدرسة بأنابيب آخذا إلى محلة المغازلة ، وجعل بجانب هذا القصطل حجرة للاستحمام.
وعن يمين الداخل إلى المدرسة من الباب الغربي ست حجر كانت مطبخا للمدرسة وقد علتها الأوساخ وعمها الدخان وتوهن على مدى الأيام بناؤها فرفعت الفواصل بين أربع منها وجعلت قاعة واسعة وجعلت الحجرتان لقعود مدير المدرسة وناظرها ، وفرش الجميع بالرخام الأبيض والرخام الصناعي الذي يصنع الآن في مدينة حلب واتخذت تلك القاعة للمطالعة ووضعت فيها خزائن الكتب. وكان سعادة حاكم حلب الحالي مرعي باشا الملاح في طليعة من أهدى لهذه المدرسة كتبا قيمة ، فقد أرسل إليها ١٢٠ كتابا وفي عزمه أن يرسل غيرها فجزاه الله أوفى الجزاء. وفي جنينة المدرسة بناية قديمة هي تربة دفن فيها ابن الواقف وزوجته وقد درست الأيام هذين القبرين وكادت هذه التربة تنقض وقد لحظتها عين العناية فرممت هذه السنة واتخذت موضعا لإلقاء الدروس لبعض الصنوف.
وهذه الجنينة التي هي الآن عبارة عن ساحة قفراء غرست هذه السنة مع الساحتين اللتين عن يمين القبلية ويسارها بأنواع الأشجار ، وكذلك اتخذ في صحن المدرسة أمام القبلية