مخيمه ومخيم عسكر الشام ، ثم إنه راسل الأمير فخر الدين بن معن أمير الشرف وبلاد صيدا وأظهر له أنه قريبه مع بعد النسبة فحضر إليه واجتمعا عند منبع العاصي وتشاورا على أن يقصدا طرابلس الشام لأجل الانتقام من ابن سيفا ، فسار ابن سيفا في البحر وأخلى لهم طرابلس وعكار وأرسل أولاده وعياله إلى دمشق وأجلس مملوكه يوسف في قلعة طرابلس فتحصن بها وبعث ابن جانبولاذ (الأمير درويش بن حبيب بن جانبولاذ) ١ إلى طرابلس فضبطها واستولى على غالب أموال من وجد هناك واستخرج دفائن كثيرة لأهلها ولم يستطع أن يملك قلعتها. وسار الأمير علي ومعه ابن معن إلى ناحية البقاع العزيزي من نواحي دمشق ومرا على بعلبك وخربا ما أمكن تخريبه منها واستقرا في البقاع وأظهرا أنهما يريدان مقاتلة عسكر الشام ، ولم تزل العساكر الشامية ترد إلى دمشق حتى استقر في وادي دمشق الغربي ما يزيد على عشرة آلاف وتزاحف العسكران حتى استقر ابن جانبولاذ وابن معن في نواحي العراد وزحف العسكر الدمشقي إلى مقابلتهما ، وكان ابن سيفا وصل إلى دمشق وأظهر التمارض ولم يرحل مع العسكر الشامي ، واستمرت الرسل مترددة بين الفريقين ليصطلحا فلم يقدر لهم الاصطلاح وتزاحف الجيشان فتوهم ابن جانبولاذ من صدمة العسكر الشامي فشرع في تفخيذ أكابر العسكر عن الاتفاق وأوقع بينهم. ثم إنه أرسل إلى طائفة من أكابرهم فوردوا عليه في مخيمه ليلا وألبسهم الخلع وتوافقوا معه على أنهم ينكسرون عند المقابلة ، وكان في جانب ابن جانبولاذ ابن معن وابن الشهاب أمير وادي التيم ويونس بن الحرفوش فطابت نفوسهم لملاقاة الشاميين وتقابل الفريقان في يوم السبت من أواسط جمادى الآخرة سنة خمس عشرة بعد الألف ولم يقع قتال فاصل بين الفريقين. ثم في صبيحة نهار الأحد وقف العسكر الشامي في المقابلة واقتتلا فما مرّ مقدار جلسة خطيب إلا وقد انفل العسكر الشامي حتى قال ابن جانبولاذ : العسكر الشامي ما قاتلنا وإنما قابلنا للسلام علينا. فلما ولى عسكر دمشق زحف ابن جانبولاذ حتى نزل بقرية المزة وكان نزوله في الخيام. وأما ابن معن فإنه كان ضعيف الجسد في هاتيك الأيام وكان نزوله في جامع المزة ، وأصبحت أبواب البلد يوم الاثنين مقفلة وقد خرج منها ابن سيفا وجماعته ليلا بعد أن اجتمع به قاضي القضاة بالشام
__________________
١ ـ إضافة من «خلاصة الأثر» ليست في الأصل. (٣ / ١٣٦)