في القديم تدعى الياروقية ، وقد عدها ياقوت في جملة محلات حلب حيث قال في الجزء الثاني من معجمه : (الياروقية) محلة كبيرة بظاهر مدينة حلب تنسب إلى أمير من أمراء التركمان كان قد نزل فيها بعسكره وقوته ورجاله وعمر بها دورا ومساكن وكان من أمراء نور الدين ، ومات ياروق هذا في سنة ٥٦٤ (١).
قال في الدر المنتخب في باب المزارات : ومنها مسجد يعرف بمسجد الأنصاري وهو قبلي جبل جوشن في طرف الياروقية.
قال أبو الحسن الهروي : في هذا المشهد قبر عبد الله الأنصاري كما ذكروا. قال كمال الدين العديم في تاريخه : أخبرني والدي رحمهالله تعالى قال : رأت امرأة من نساء أمراء الياروقية في المنام قائلا يقول : ههنا قبر الأنصاري صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ففتشوا فوجدوا قبرا فبنوا عليه هذا المشهد وجعلوا عليه ضريحا ، ثم دثر فجددته أزانيلوفر عتيقة الأمير سيف الدين علي بن علم الدين سليمان بن جندر ، ولما توفي معتقها المذكور في سنة اثنتين وعشرين وستمائة انقطعت إليه وقامت بأود من يرد عليه من الزوار في كل وقت تطعمه الحلوى وتسقيه الجلاب إلى أن توفيت وبقي من إمائها وحفدتها من يقوم به إلى أن استولت التتر فتشعث بناؤه بعيثهم انتهى. (قلت) : أدركت هذا المشهد صغيرا جدا وله خارج الضريح قبلية صغيرة وليس له وقف فيما أعلم ، فلما ولي نيابة حلب الأمير سيف الدين قصروه التمرازي منتقلا إليها من نيابة طرابلس في سنة ثلاثين وثمانمائة شرع بعد إقامته قليلا في توسيع هذا المشهد (٢) وبناه بالحجارة الكبار ، وعقد على الضريح قبة ووسع الصحن وجعل شماليه إيوانا ذا شبابيك مطلة إلى جهة الشمال ، ولما توفيت ابنته وكانت مخطوبتي
__________________
(١) انظر ترجمته في القسم الثاني.
(٢) أقول : مكتوب على باب المشهد : ١ ـ أنشأ هذه العمارة المباركة مولانا ملك الأمراء المقر الأشرف ٢ ـ السيفي أبي خانك المؤيدي الظاهري كافل المملكة الحلبية أعزّه الله ٣ ـ بتاريخ جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وسبعماية من الهجرة. وهذا صريح في أنه رمم بعد تشعّثه حين استيلاء التتر قبل أن يوسعه قصروه سنة ٨٣٠.