دفنها على يمنة الداخل بالقرب من الباب ، ثم عقد عليها قبة ، وكان قد مات له ولد صغير عزيز عنده يسمى يونس فدفنه بالقبة التي فيها ضريح الأنصاري (١) ، ثم ندم على ذلك ، فلما توفيت ابنه المذكور دفنها بالقرب من باب المشهد وعقد عليها القبة التي ذكرنا وجعل لها شباكين كبيرين أحدهما ينظر إلى الشرق ويشرف على المدينة والآخر ينظر إلى جهة الشمال ، ووقف على المشهد وقوفا ورتب فيه قراء وجعل فيه سماطا في كل ليلة جمعة واعتنى به غاية الاعتناء ، وكان يلازم زيارته مدة إقامته بحلب. وأخبرني أن سبب ذلك أنه قدم إلى حلب قديما لتقليد نيابتها فاعتراه قبل وصوله إلى حلب وجع شديد ، وكانت العادة وهي باقية أن الخاصكية إذا وردوا إلى حلب يبيتون هنالك ويدخلون البلد بكرة النهار ، فلما بات به تلك الليلة أبصر في منامه أن صاحب هذا الضريح وهو شيخ حسن الشكل مسح عليه ودعا له وبشره بأنه يصير نائب هذه البلدة ، فعاهد الله سبحانه وتعالى أنه إن ولي نيابة حلب يجدد بناءه ويجعل عليه وقفا. وهذا المشهد اليوم مشهور بسعد الأنصاري ولا أعلم المستند في ذلك إلا أن يكون الاشتباه بأن الجبل الذي تجاه هذا الجبل من جهة الشرق والقبلة يقال إن فيه سعيدا الأنصاري. وهذا المشهد معروف بالبركة يتردد إليه الناس ويزورونه ويعتقدونه وينذرون له الشمع والزيت وغير ذلك ولي عليه وقف اه.
أقول : مكتوب على باب المشهد من داخل القبة :
١ ـ أنشا هذا المكان المبارك المقر الأشراف العالي المالكي المخدومي السيفي قصروه
٢ ـ الأشرفي كافل المملكة الشريفة الحلبية المحروسة أعز الله أنصاره بمحمد وآله.
__________________
(١) أقول : أما القبر فقد درس من أربعين سنة حينما فرشت الحجرة التي فيها الضريح بالرخام غير أن ألواح هذا القبر لم تزل موجودة في طرف المشهد وهي من المرمر وعلى حجرين منه اسم يونس هذا وعلى حجرين آخرين كانا موضوعين في طرفي القبر هذان البيتان :
حبي لساكن ذا الضريح أنالني |
|
منه الدنو وصرت أقرب جار |
فلي الأمان بذا المقام وإنه |
|
الإيمان فهي محبة الأنصار |