عبد القادر آغا (سماه آنفا قدور آغا للعادة المتعارفة) وكالة عن أبيه بشهرين مرض أبوه مسموما وتوفي في الأوردي في سلخ صفر سنة ١١٩٤ فقرر الباشا أمر المحصلية استقلالا على قدور آغا.
وفي أوائل ربيع الأول رحل الباشا بعساكر كالرمال إلى بلدة كلّز ، وكان قد أنذرهم قبل ركوبه وأرسل لهم متسلما فردوه وظهر منهم أمور خارجة عن العادة ، ثم في أثناء ركوبه أرسل لهم ثانيا القبوجي باشي المعين في معيته وأمرهم أن يخرجوا أهل العرض والرعايا لطرف الباشا وتبقى الأشقياء ، فأجابوه بلسان واحد : ليس في بلدتنا أهل عرض أصلا بل كلّنا أشقياء ، ولما أخبر الباشا بذلك زحف على كلّز بعسكره وحاصرها وأخذ تربة شرحبيل ووالى المدافع ناحية البلد وصار يغض النظر عمّن انهزم ، ودخل البلد عنوة وفتحها قهرا ووقع القتال والنهب في كلّز وهتكت أعراض وأزيحت بكارات بنات وذبح أطفال ولم يسلم من شائبة سوى دار مقتول دلي خليل باشا ومن التجأ إليها ، وبعد ذلك قرر في كلّز كورد محمد آغا متسلما بها ، ثم رحل عنها وتوجّه لناحية قصبة أعزاز بعساكره وأثقاله ونزل بها مقدار أربعة أشهر ، وفي أثناء المدة الأولى عزل أبو بكر آغا متسلم حلب وطلبه إليه وولى مكانه متسلما محمد آغا خنكارلي زاده ، فتثاقل أبو بكر آغا في الرواح ، ثم توجّه نحوه فلما وصل إليه سجنه وأظهر أن في ذمته أموالا يطلبها ، فصار أبو بكر يبيع أمواله وأثقاله إلى أن باع جميع ما تملكه يده ولم يبق شيئا ، فعل ذلك وهو مسجون لم يتخلص ، والطلب لم يزل باقيا عليه فصار أقاربه وأصحابه ومن يلوذ به يعاونونه ثم استدانوا فوق الجميع إلى أن رضي الباشا!!
واستمر محبوسا نيفا وسبعين يوما ، ثم أرسله نفيا إلى قلعة أرواد من أعمال طرابلس الشام وعيّن معه بيارق دالاتية فقاموا به من الأوردي وتوجهوا لناحية اللاذقية ، ففي ذهابهم كلما مروا على قرية من قرى حلب وضعوا له الأغلال وعذّبوه وهددوه بالقتل وأهالي القرى تترجى فيه وتبذل لأشقياء الدالاتية دراهم ليكفوا عنه ، واستمروا على ذلك إلى أن وصلوا إلى قلعة أرواد بعد أن رأى الموت عيانا مرات عديدة وهو يستغيث فلا يغاث ، وكل ما وقع من عبدي باشا كان بتقريب من لا يخاف الله تعالى وبتشويق بعض أتباعه ككاتب ديوانه وأحد أعيان حلب وغيرهم. وفي اليوم الرابع والعشرين من رجب توجّه كاتب الديوان وابن جبان إلى دار أحمد أفندي الخنكارلي وابنه إذ ذاك كان متسلما فطلبوه من الحرم بعد ما أحاطوا بداره بالتفكجية المسلحين بالسلاح الكامل ولم يشعر أحد ذلك الوقت ، فخرج