إليهم وتلقاهم أحسن ملتقى وجلس لمؤانستهم فلم يشعر إلا وقد أحاط به الجند من كل جانب وقبضوا عليه وذبحوه وجزّوا رأسه ورجعوا به إلى السرايا ، وفي الحال أركبوا ابنه محمد آغا المتسلم وأركبوا أيضا كواكبي زاده السيد أحمد أفندي وعيّنوا معهما بيارق فأخذوهما والرأس وخرجوا بهم من باب قنسرين إلى أوردي عبدي لناحية أعزاز فحبسوهما في جادر وركزوا الرأس حذاء ابنه. وفي اليوم الثاني نفي كواكبي زاده إلى قلعة البيرة وعيّن معه بيارق فصاروا يفعلون فيه أمثال الجبوط (هكذا) وأضعاف ذلك ، وبعد ذلك أرسل الرأس للدولة العلية وحرّر في تعريفه بأن الذي يأخذ البغاة من طرفه ويعصى بالمال الأميري هذا جزاؤه. ووجّه نقابة حلب إلى لطوف بيك عادلي زاده والمتسلمية لكوجك علي آغا زاده محمد سعيد آغا ، وبعد ذلك رحل الباشا بالأوردي لطرف حلب ونزل هو في تكية الشيخ أبي بكر في غرة شعبان المعظم واستمر في تعيين مباشرين على أهل البلد والقرى وصار يسلب أموال الناس والقتل مستمر وفي سجونه أكابر ومشايخ وأشراف خلا الرعايا وأهل الذمة شيء كثير ، وأما عساكره في البلدة فشيء زائد ، وأما ارتكابهم فعل القبايح مثل لعب القمار والزنا واللواطة فشيء لا يوصف ، وأما شربهم الخمور متجاهرين في الأزقة والشوارع فهو شرب الماء نعوذ بالله تعالى.
وفي آخر يوم من رمضان أتت أوراق النقابة إلى لطوف بك العادلي ولبس خلعتها ثالث يوم العيد ، وفي اليوم الثاني من العيد توفي أسبير أفندي المفتي ودفن في الجبيل. وفيه قتل الباشا ثلاثة أنفار شلحوا يهوديا في باب النصر الواحد تحت القلعة والثاني في القصيلة والثالث عند سبيل محرم ومسك من أتباعه تفكجي لغلام وسخمه في الدكان فمسكوه في حمام القاضي ورفعوه إلى القلعة على أعين الناس ، وبعد أيام أنزلوه من غير تكدير.
وفي ٣ شوال من سنة ١١٩٤ أخذ من كل حارة بغلا وإكديشا وقتل التفكجي الذي فعل الفاحشة مع غلام لأجل تسكيت الناس على البغال. وأتى جماعة الباشا إلى محلة باب النصر وصاروا ينظرون الدور المناسبة للقناقات وكلما رأوا دارا مناسبة أخرجوا منها النساء وأخذوا مفاتيحها.
واشتروا للباشا بقرة صفراء وبقرة سوداء حتى يشرب لبنها وصاروا كلما سمعوا في بقرة عند شخص يأخذونها. وخربوا جهات باب الله (بابلّا) لأنه كان مقيما في تكية الشيخ أبي بكر ، ثم رحل إلى الراموسة وضربها وخرب بستانها.