حصارها وذلك عند باب النيرب ، وكان الناس يخرجون لقتاله ظاهر البلد فلما كان يوم الجمعة انكسر بعض الناس منه فأمسك جماعة من أهل حلب وقطع أيديهم فدخلوا إلى البلدة ورأى الناس أيديهم فجد الناس عند ذلك في دفعه عن حلب فرحل عن باب النيرب ثم حاصرها من باب الفرج وباب الجنان.
وفي يوم الجمعة أحضر السلالم إلى مسجد التوبة بباب الفرج وأراد أن يزحف من هناك ، فسمع أن كافل دمشق الجكمي انكسر من العسكر المصريين وأمسك فترك الزحف فصاح الناس عليه من فوق السور وقويت قلوبهم فرجع متوجها إلى لقي العسكر المصري إلى جهة حماة ، فلقيهم بالقرب من حماة فصاففهم هناك فانكسر وهرب إلى جهة ابن صوجي إلى جبل الأقرع ، فأمسكه ثم دخلوا به حلب راكبا على بغلة وخلفه شخص في يده خنجر وفي يده صولجان يلعب به ، فأسمعه الناس ما يكره وأصعدوه إلى القلعة وأودعوه السجن في قيد ثقيل فقال : بقي بيني وبين القتل مسافة الطريق. وأرسل شخص إلى القاهرة إلى السلطان يخبره بذلك. ثم ورد المرسوم الشريف بقتله فأنزلوه من السجن وعصروه بين أبواب القلعة ليقر على المال فلم يعترف ، فأحضروه إلى باب القلعة وقدموه لضرب الرقبة فنادى عليه الجلاد : هذا جزاء من خرج عن الطاعة ، فقال هو : قل هذا جزاء من لم يرع نعمة الله ، وأخذوا جثته ودفنوها في حانوت من وقف مدرسته وجعل له باب صغير إلى مدرسته انتهى.
زيادة بيان في أخبار تغري برمش وعصيانه وقتله : قال في المنهل الصافي : لما نقل تغري برمش لنيابة حلب باشر أمورها على أتم وجه وأحسنه وأجمل طريقة ومهد بلادها وعظم في الأعين ، وتجرد إلى أبلستين غير مرة في طلب الأمير جانبك الصوفي (١) إلى أن وصل إليه جماعة من أمراء الديار المصرية نجدة إلى مقصده
__________________
(١) جانبك الصوفي من الأمراء المصريين ، وكان قد حبس في الإسكندرية لأمور يطول شرحها بسطها في المنهل الصافي في ترجمته ثم فرّ من حبسها وتطلبه الأمراء المصريون مدة طلبا حثيثا ، وبعد سنين ظهر أنه توجه إلى بلاد الشرق سنة تسع وثلاثين وثمانمائة ونزل عند الأمير ناصر الدين بك محمد بن دلغادر ، ولما تحقق الملك الأشرف هذا الخبر أرسل إلى ناصر الدين بك يطلب تسليمه فامتنع فتأكدت الوحشة بينهما فجهز إليه جيشا بقيادة الأمير جقمق العلائي الذي صار سلطانا بعد ذلك ، ولما وصلت العساكر إلى حلب خرج معهم نائبها الأمير تغري برمش بعساكر حلب وجموع التركمان وذلك في سنة ٨٤٠.