العصيان واستجلاب التركمان وغيرهم فاستشعر السلطان جقمق بذلك فورد المرسوم الشريف بملطفات إلى القلعة وأمراء حلب بالركوب عليه ، فلما كان ليلة الجمعة المسفر صباحها عن سلخ شعبان سنة اثنتين وأربعين ركب الأمراء عليه ورموا عليه من القلعة فركب هو أيضا على الأمراء فشتت شملهم ، فهرب أمراء حلب منها ، فلما أصبح النهار أرسل خلف القضاة ، فرحت في خدمة شيخي قاضي القضاة علاء الدين إلى دار العدل ودخلنا إليها من باب عند بيت قرا دمرداش ودخلنا إليه ، فإذا الجند عنده وعليهم آلات الحرب والرمي موجود من القلعة وقد تهيأ هو وأهل القلعة للقتال ، فدخلنا إليه إلى الشباك فقال لشيخي وبقية القضاة : ما السبب الذي رمى به أهل القلعة عليّ هل ورد مرسوم بذلك؟ وما الذي ظهر مني؟ وأمرهم بالصعود للسؤال عن حقيقة ذلك ، فخرج القضاة إلى القلعة وخرجت معهم ، فلما خرجنا من دار العدل وقاربنا القلعة رأيت شيئا هالني فرجعت أنا فصعد القضاة إلى القلعة فأظهر أهل القلعة المرسوم الشريف بالرمي عليه فنزل القضاة ، فلما نزلوا قدم أهل القلعة على إطلاقهم وقالوا : هلا أمسكتموهم وأمرتموهم أن يصعدوا على برج القلعة ، وأمروا العامة بإخراجه من البلد ، فلما نزل القضاة إلى دار العدل وأخبروه بذلك بلغني أنهم شاوروه على الخطبة فقال : اخطبوا باسم السلطان وكذلك على رأسه بجامع الناصري بدار العدل ، ثم جد في الرمي على القلعة وعلى حصارها ثم أخرجه العامة من حلب في عاشر رمضان يوم الثلاثاء ورجموه وخرج خروجا فاحشا وأمسكت مماليكه وأخذ ما كان معهم من المال ، فخرج من باب أنطاكية وذهب الى طرابلس فملكها يوم الخميس تاسع عشر رمضان وأقام بها إلى آخر رمضان ، فخرج منها بعد أن صادر أهلها فأمر أن يؤخذ من كل صاحب فسخة من الصابون على قدر موجوده فخص كل فسخة ألف درهم ، وأما صابون الأمراء وأركان الدولة فإنه أخذه عن آخره ، وقصد حصار برج إيتمش ليأخذ ما به من زردخانة جلبان ، وأرسل القضاة الأربعة ومعهم ناصر الدين محمد الحلبي من جماعته إلى من بالبرج ليسلموا ما فيه من الزردخاناه فما أجابوا ، وأمسكوا ناصر الدين وأرسلوه إلى السلطان ، وأما تغري برمش فلما أخبره القضاة بالخبر همّ بحصار البروج وشرع في خراب بيت الأمير محمد ناظر البرج وأخذ أربعة قدور نحاس من معصرته ومصبنته ليصنع مكاحل ليرمي على البرج ، فتوجه أهل البرج إلى الرملة.
ثم رجع إلى حلب ومعه الجم الغفير من التركمان والعرب فحاصر حلب وألح في