وغمرت الأراضي المنخفضة الواقعة على جانب الفرات ، ويحتمل أن تكون تشكلت من المواد الرقيقة المنجرة بواسطة السيول والمترسبة أيضا في المحلات المنحطة والمنخفضة ، فأكثر الأراضي الرملية التي تكون قد دخل في تركيبها مواد من الجص ، إذا جفت تكسب مقاومة عنيفة وتقاوم سكك الحراثة بحيث يصعب شقها وفلاحتها ، ومن هذه الأسباب تكون هذه الأراضي مساعدة لغرس بذور الجراد الذي لم ينقطع دابره.
إن السهول في هذا المحيط لا تنحصر في لواء دير الزور فقط بل تمتد شمالا إلى ماردين وشرقا للموصل وبغداد وقبلة لبحر عمان والحجاز وغربا للشام وحلب ، فعليه يحتمل أن تكون هذه البادية الجسمية إما بحالة بحر وإما مرتعا لمياه الدجلة والفرات ، فالاحتمال الأخير هو الأصح نظرا لما يصادفه المدققون من الأحجار المدورة والمختلفة الأجناس المخلوطة بالرمال في أي نقطة كانت من هذه السهول. فلا شك أن هذه الحجارة تدل أنها نقلت بواسطة مياه الدجلة والفرات من مسافات بعيدة ، ولا يبعد أن هذه الأراضي كانت معتدلة تماما ، ففي أكثر السنين باختلاط دجلة والفرات تركت الأحجار والجص التي أتت بها هذه الأنهار من منابعها وطريقها.
وبما أن الولايات العثمانية الشمالية مثل ديار بكر وبتليس هي أراض ولقانية فالزلازل التي كانت تحصل بتلك الأنحاء أثرت في هذا اللواء فحدثت الارتفاعات والانحطاطات ، ولذلك ثبت نهر الدجلة والفرات في المواقع التي نشاهدها اليوم.
حرارة المحيط :
إن لواء دير الزور يعد من المناطق الحارة ، وحيث إن اللواء خال من الجبال والعوارض فالإقليم وحرارة المحيط مساوية لبعضها في كل مكان. فلعدم وجود قيود زراعية في دائرة الزراعة لفقدانها لم نتمكن من الوقوف عليها لنطلع على جداول الترصدات الهوائية ، ولكن الذي بقي في حافظتي أن الدرجة الوسطية ما بين ١٤ ـ ١٥ سانتيغراد أي مجموع الحرارة العمومية في السنة ٥٠٠٠ درجة.
إن هذه الدرجة مساعدة لنمو جميع النباتات والأشجار والحبوب على أن تكون بواسطة الري والإسقاء ، حيث كما ذكرنا آنفا إن طبيعة الأراضي الرملية لشدة وجود الحرارة لم يمكن تطبيق زراعة العذي بها لا صيفا ولا شتاء سوى في القسم الشمالي المحادد إلى نصيبين فهو قابل لزراعة الحنطة والشعير على الأمطار أي عذي ، وأما خلاف ذلك فجميعه بواسطة الإسقاء.