خلافا لبعض المتأخرين في الأول فكما لو دخل في السجود فلا يعود للركوع (١) ؛ للموثق الآخر كالصحيح : رجل أهوى إلى السجود فلا يدري أركع أم لم يركع ، قال : « قد ركع » (٢).
وهو محمول على حصول الشك في السجود ، وليس فيه ما ينافيه بصريحه ولا بظاهره ، لأنّ غايته إفادة وقوع الشك بعد الهوي إلى السجود ، وهو أعم من وقوعه قبل الوصول إليه وبعده لو لم ندّع الأخير وظهوره ، نعم لو كان بدل « إلى السجود » : « للسجود » أمكن دعوى الأول وظهوره.
ولو سلّم فهو معارض بما مرّ سيّما الصحيح في الثاني ، فإنه بحسب الدلالة أظهر ، ومورده وإن اختلف مع مورد الأول إلاّ أنهما من باب واحد ، لاشتراكهما في كونهما من مقدمات أفعال الصلاة ، فإن عمّمنا الغير لها دخلا وإلاّ خرجا. فالتفصيل بينهما وتخصيص كل منهما بحكمه لا يجتمع مع إطلاق النص والفتوى بل عمومهما بأنه متى شك وقد دخل في غيره فلا يلتفت وإلاّ فإنه يرجع ، لظهورهما في أن مناط الرجوع وعدمه إنما هو الدخول في ذلك الغير وعدمه ، والغير إمّا الأفعال خاصة أو ما يعمها ومقدّماتها ، وعلى أيّ تقدير فلا وجه للتفصيل بين الموردين والعمل في كل منهما بما ورد في الصحيحين وإن اختاره بعض المتأخرين المتقدم (٣).
فلا بدّ من الجمع بينهما بما يدفع تنافيهما ، وهو ما ذكرنا من حمل ثانيهما على صورة وقوع الشك في حال السجود. ويحتمل الحمل على وقوعه كثيرا ،
__________________
(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ١٧٤ ، وصاحب المدارك ٤ : ٢٤٩ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٧٥.
(٢) التهذيب ٢ : ١٥١ / ٥٩٦ ، الاستبصار ١ : ٣٥٨ / ١٣٥٨ ، الوسائل ٦ : ٣١٨ أبواب الركوع ب ١٣ ح ٦.
(٣) المدارك ٤ : ٢٥٠.