وهو ظاهر في الكراهة ، أظهر من دلالة النهي على الحرمة ، سيّما مع شيوع استعماله في الكراهة ، مع قوة احتمال وروده هنا لدفع توهم وجوب القراءة كما زعمته جماعة من العامة (١) ، فلا يفيد سوى إباحة الترك ، لا الحرمة ، بل ولا الكراهة ، وهي في الجملة من خصائص الإمامية ، وادّعى إجماعهم عليها جماعة كالفاضلين في المعتبر والمنتهى والتذكرة (٢).
ولعلّه لهذا قيل بعدم الكراهة هنا (٣). ولكنه ضعيف ؛ لما عرفت من ظهور الصحيحة الأخيرة فيها ؛ مضافا إلى التسامح فيها والاكتفاء في ثبوتها بفتوى فقيه واحد فضلا عن الشهرة ، وباحتمال الحرمة ، كما عليها هنا من القدماء جماعة (٤) لظاهر النواهي ، لكن قد عرفت جوابه.
ولصريح الصحيح : « من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة » (٥).
ويمكن حمله على الكراهة ـ وإن بعد غايته ـ جمعا بينه وبين ما مرّ ممّا هو أصرح دلالة على الجواز منه على الحرمة. أو على ما عدا الإخفاتية. أو على ما إذا قرأ بقصد الوجوب كما عليه جماعة من العامة ، فيكون المقصود به ردّهم لا إثبات إطلاق الحرمة.
وأما القول باستحباب القراءة لكن للحمد خاصة ـ كما عن الشيخ في
__________________
ب ٣١ ح ٨.
(١) منهم ابن قدامة في المغني ٢ : ١٢ ، وابن رشد في بداية المجتهد ١ : ١٥٤.
(٢) المعتبر ٢ : ٤٢٠ ، المنتهى ١ : ٣٧٨ ، التذكرة ١ : ١٨٤.
(٣) اللمعة ( الروضة البهية ١ ) : ٣٨١.
(٤) منهم الشيخ في النهاية : ١١٣ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠.
(٥) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٥٥ / ١١٥٥ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٧٠ ، الوسائل ٨ : ٣٥٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٤.