لا ينويها صلاة؟ فقال : « لا ينبغي » إلى أن قال : « وقد تجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها » (١).
وهذه النصوص ـ مع ما هي عليه من الصحة والاعتبار والاستفاضة القريبة من التواتر ، والشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل الإجماع حقيقة كما عرفت حكايته ـ موافقة للقاعدة ؛ لامتثال المأمور به ، وهو الصلاة خلف من يظن استجماعه لشرائط الإمامة ، إذ تكليفه بتحصيل العلم بالاستجماع واقعا تكليف بما لا يطاق ، وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء.
ومع ذلك فهي سليمة عمّا يصلح للمعارضة ، عدا أمر اعتباري ، وهو ـ مع ضعفه في نفسه ومعارضته بأقوى منه ـ اجتهاد في مقابله النصوص التي قدّمناها.
ومعارضتها بنصوص أخر مانعة (٢) ضعيفة غايته ، بعد ضعف أسانيدها جملة ، وموافقتها لجماعة من العامة ، ومنهم أصحاب الرأي وهم أصحاب أبي حنيفة (٣) ، ومع ذلك فقد تضمّن بعضها ما لا يوافق مذهب الإمامية في الإمامة من التلازم بينها وبين العصمة ، مع أن الرواية في خلافها صريحة ، وما عداها مروية في كتب غير مشهورة ، فلا تكافئ ما قدّمناه من وجوه عديدة.
وللصدوق في المقنع هنا قول ثالث حكاه عن جملة ممّن عاصره من المشايخ ، وهو الفرق بين الجهرية فالأول ، والسرّية فالثاني (٤). ولا يعرف له وجه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٨٢ / ٨ ، الفقيه ١ : ٢٦٢ / ١١٩٥ ، التهذيب ٣ : ٤١ / ١٤٣ ، الوسائل ٨ : ٣٧٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٩ ح ١.
(٢) الوسائل ٨ : ٣٧٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٩ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٤٨٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ٢ ، ٣.
(٣) منهم ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ١ : ٧٧٧ ، ٧٧٨ ، القرطبي في بداية المجتهد ١ : ١٥٦.
(٤) حكاه عن المقنع في المختلف : ١٥٧ ، ولم نعثر عليه فيه ، بل وجدناه في الفقيه ١ : ٢٦٣ ذيل