بعض النصوص بما هو للندب أو الكراهة قطعا ، مع أن في بعضها الأمر بالقراءة في النفس ، وهو غير القراءة الحقيقية ، فيكون هذا قرينة أخرى على الندب أيضا.
والأول أقوى ، وفاقا لأعيان القدماء كالشيخ في التهذيبين والنهاية والحلبي والمرتضى بل الكليني والصدوق (١) أيضا ؛ لقوة أدلته ، وضعف معارضها :
فالأول : بمنع العموم ، بل غايته الإطلاق الغير المنصرف بحكم التبادر إلى محل النزاع. ولو سلّم فهو مخصّص بالأوامر هنا ، وهو أولى من حملها على الندب ، لأولوية التخصيص من المجاز حيثما تعارضا على الأشهر الأقوى.
والقرينة الأولى على الندبية على تقدير تسليمها معارضة بمثلها ، وهو تضمن بعضها ما هو للوجوب قطعا ، وبعد تعارضهما يبقى الأمر الظاهر في الوجوب عن الصارف سليما.
وأما القرينة الثانية فممنوعة ؛ إذ القراءة في النفس كناية عن الإخفاء بها ، كما شاع التعبير بها عنه في الأخبار ، ومنها ما ورد في الصلاة خلف المخالف (٢) مع الاتفاق على وجوب القراءة الحقيقية فيها ، ولو سلّم فكيف يجعل القراءة في النفس التي ليست قراءة حقيقة ملفوظا بها قرينة على استحبابها ، بل إبقاؤها على حقيقتها خلاف الإجماع قطعا ، وهو من أعظم الشواهد على أن المراد بها ما ذكرنا.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٤٥ ، ٤٦ ، الاستبصار ١ : ٤٣٧ ، النهاية : ١١٥ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٤٥ ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤١ ، الكليني في الكافي ٣ : ٢٨١ ح ٤ ، الصدوق في المقنع : ٣٦.
(٢) الفقيه ١ : ٢٦٠ / ١١٨٥ ، التهذيب ٣ : ٣٦ / ١٢٨ ، الاستبصار ١ : ٤٣٠ / ١٦٦٢ ، الوسائل ٨ : ٣٦٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٣ ح ٤.