السفر بحيث يصدق كونه عملا لزم التمام وإن لم يصدق وصف أحد هؤلاء ، كما أنه لو صدق وصف أحدهم ولم يتحقق الكثرة المزبورة لزم القصر.
خلافا للحلّي في الثاني ، فحكم بالتمام فيه ولو بمجرد السفرة الأولى ؛ لإطلاق الأدلة بوجوب التمام على هؤلاء (١).
وهو مع ضعفه بما مضى مقدوح بلزوم حمل المطلقات على الغالب الشائع منها ، وهو من تكرّر منه السفر مرارا ، لا من يحصل منه في المرة الاولى.
ومنه يظهر ضعف ما في المختلف من حكمه بالإتمام في السفرة الثانية مطلقا (٢).
ولجماعة فجعلوا المدار في الإتمام على صدق وصف أحدهم أو صدق كون السفر عمله ، ومنهم الشهيد في الذكرى (٣) ، إلاّ أنه قال : إنّ ذلك إنما يحصل غالبا بالسفرة الثالثة التي لم يتخللها إقامة عشرة ، كما صرّح به الحلّي في متّخذ السفر عملا له.
وفيه ما عرفته من أن المستفاد من النصوص أن وجوب التمام على أحد هؤلاء إنما هو من حيث كون السفر عمله ، فلا وجه لجعله مقابلا له.
ثمَّ دعوى حصول صدق أحد العنوانين بمجرّد السفرة الثالثة ممنوع ، كيف لا وقد يحصل السفر زائدا عليها ولا يصدق أحدهما؟! وذلك حيث يتفق كثرة السفر مع عدم قصد إلى اتّخاذه عملا ، ومثله يقصّر جدّا ، كما صرّح به بعض متأخري أصحابنا ، فقال بعد نقل ما قدّمناه من الأقوال : وإذ قد عرفت أن الحكم في الأخبار ليس معلّقا على الكثرة ، بل على مثل المكاري والجمّال
__________________
(١) السرائر ١ : ٣٣٩.
(٢) المختلف : ١٦٣.
(٣) الذكرى : ٢٥٩.