فأتمّ الصلاة ، ثمَّ بدا لي بعد أن لا أقيم بها ، فما ترى لي ، أتم أم أقصّر؟ فقال : « إن كنت دخلت المدينة وصلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام ، فليس لك أن تقصّر حتى تخرج منها ؛ وإن كنت حين دخلتها على نيتك المقام فلم تصلّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم ، فأنت في تلك الحال بالخيار ، إن شئت فانو المقام عشرة أيام وأتمّ ، وإن لم تنو المقام فقصّر ما بينك وبين الشهر ، فإذا مضى لك شهر فأتمّ الصلاة » (١). وبمعناه الرضوي (٢).
وأما الخبر الدال على الأمر بالتقصير بالبداء عن الإقامة مع إتمام الصلاة (٣) ، فمع قصور سنده ـ بل ضعفه وشذوذه ـ غير صريح في المخالفة ؛ لقوة احتمال كون الأمر به كناية عن الأمر بالسفر ، دفعا لما توهّمه السائل من عدم جواز إبطال نية الإقامة.
وظاهر الصحيح وجوب القصر بعد البداء وقبل فعل الصلاة تماما ، سواء قصد مسافة أو تردّد في الإقامة وعدمها ، وهو الأشهر الأقوى.
خلافا لجماعة فاحتملوا اختصاصه بالأول (٤).
والحكم بالإتمام وقع فيه معلّقا على من صلّى فرضا مقصورا تماما بعد نية الإقامة ، فلا تكفي النافلة ، ولا الفريضة الغير المقصورة ، ولا المقصورة إذا تمّمت بغير نية الإقامة سهوا ، أو لشرف البقاع الأربع ، أو استقرت في الذمة تامة بخروج وقتها ، ولا الصوم مطلقا.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨٠ / ١٢٧١ ، التهذيب ٣ : ٢٢١ / ٥٥٣ ، الاستبصار ١ : ٢٣٨ / ٨٥١ ، الوسائل ٨ : ٥٠٨ أبواب صلاة المسافر ب ١٨ ح ١.
(٢) فقه الرضا عليهالسلام : ١٦١ ، المستدرك ٦ : ٥٤٠ أبواب صلاة المسافر ب ١٣ ح ١.
(٣) الفقيه ١ : ٢٨٣ / ١٢٨٦ ، التهذيب ٣ : ٢٢١ / ٥٥٤ ، الاستبصار ١ : ٢٣٩ / ٨٥٢ ، الوسائل ٨ : ٥٠٩ أبواب صلاة المسافر ب ١٨ ح ٢.
(٤) منهم : الشهيد في روض الجنان : ٣٩٤ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤١٢.