اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٤ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

الحقيقة ؛ لأن من سمح بحقّه تقرّبا إلى ربه ، كان أبعد من أن يظلم غيره.

قوله : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) قرأ الجمهور بضمّ الواو من «تنسوا» ؛ لأنها واو ضمير ، وقرأ (١) ابن يعمر بكسرها تشبيها بواو «لو» كما ضمّوا الواو من «لو» ؛ تشبيها بواو الضمير ، وقال أبو البقاء (٢) في واو «تنسوا» من القراءات ووجوهها ما ذكرناه في (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) [البقرة : ١٦] ، وكان قد قدّم فيها خمس قراءات ، فظاهر كلامه عودها كلّها إلى هنا ، إلّا أنه لم ينقل هنا إلا الوجهان اللذان ذكرتهما.

وقرأ علي (٣) ـ رضي الله عنه ـ : «ولا تناسوا» قال ابن عطيّة : «وهي قراءة متمكّنة في المعنى ؛ لأنه موضع تناس ، لا نسيان ، إلّا على التشبيه» ، وقال أبو البقاء (٤) : «على باب المفاعلة ، وهي بمعنى المتاركة ، لا بمعنى السهو» ، وهو قريب من قول ابن عطيّة.

قوله تعالى : «بينكم» فيه وجهان :

أحدهما : أنه منصوب ب «تنسوا».

والثاني : أنه متعلّق بمحذوف على أنّه حال من الفضل ، أي : كائنا بينكم ، والأول أولى ؛ لأنّ النهي عن فعل يكون بينهم أبلغ من فعل لا يكون بينهم والمراد بالفضل ، أي : إفضال بعضكم على بعض بإعطاء الرجل تمام الصداق ، أو ترك المرأة نصيبها ، حثّهما جميعا على الإحسان ، ثم ختم الآية بما يجري مجرى التهديد ، فقال : (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

قال القرطبي (٥) : هذا خبر في ضمنه الوعد للمحسنين ، والحرمان لغير المحسنين ، أي : لا يخفى عليه عفوكم ، واستقضاؤكم.

قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)(٢٣٩)

قوله تعالى : «حافظوا» : في «فاعل» هنا قولان :

أحدهما : أنه بمعنى «فعل» ، كطارقت النّعل ، وعاقبت اللصّ ، ولمّا ضمّن المحافظة معنى المواظبة ، عدّاها ب «على».

__________________

(١) انظر : البحر المحيط ١ / ٢٤٧ ، والدر المصون ١ / ٥٨٨ ، والقرطبي ٣ / ١٣٧.

(٢) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٠٠.

(٣) وبها قرأ مجاهد وأبو حيوة وابن أبي عبلة.

انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٢٣ ، البحر المحيط ٢ / ٢٤٧ ، والدر المصون ١ / ٥٨٨.

(٤) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٠٠.

(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٣٧.