______________________________________________________
الأصحاب في ذلك ، فقال الشيخ (١) ، وابن إدريس يصح (٢) ، واختاره المصنف في المختلف (٣) ، لأنه يصح بيعه والمعاوضة عليه فصحت هبته كالعين. وقيل لا يصح ، واختاره المصنف هنا ، لأن القبض شرط ، وما في الذمة يمتنع قبضه ومن ثم قال الشيخ في المبسوط : انه يمتنع وقفه (٤).
قيل : الموهوب الماهية وقبضها ممكن بقبض أحد جزئياتها. وفيه نظر ، لأن الموهوب هو الماهية ، وهي غير الجزئيات قطعا. فإن قيل فكيف يصح بيع الدين مع أن المبيع لا بد أن يكون مقدورا على تسليمه.
قلنا : يمكن الفرق بين القدرة على تسليمه يكفي فيها ما به تتحقق المعاوضة ، وتحققها تكفي فيه القدرة على تسليم بعض أفراد الماهية المعدودة أحد العوضين ويدخل في ملك المشتري من غير توقف على قبض ، ثم يستحق المطالبة بالإقباض بخلاف الهبة فإن الإقباض له دخل في حصول الملك ، فلا بد أن يقبض الواهب الدين ثم يقبضه المتهب ، فامتنع نقله الى ملك المتهب حين هو دين.
وكذا بعد تعيين المديون له قبل قبض الواهب ، لانتفاء الملك ، وبقبض الواهب يحدث الملك له فيمتنع تقدم إنشاء الهبة عليه ، إذ تكون هبة جارية مجرى هبة ما سيملكه ببيع وغيره وذلك غير جائز قطعا ، والأصح عدم الجواز.
واعلم أن قول المصنف : ( وهبة ما في الذمة لمن عليه إبراء لا يشترط فيه القبول ) يلوح منه ان كون الإبراء لا يشترط فيه القبول أمر مقرر ، لأنه إسقاط محض ، وان هذا الفرد من افراد الهبة لما كان إبراء في المعنى لم يشترط فيه القبول كما هو
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٣١٤.
(٢) السرائر : ٣٨٢.
(٣) المختلف : ٤٨٧.
(٤) المبسوط ٣ : ٢٨٧.