______________________________________________________
تعالى ( فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) (١) فاعتبر مجرد الصدقة ولم يعتبر القبول. وفيه نظر ، لأن الصدقة يعتبر فيها القبول ، وفي معنى ذلك قوله تعالى في الدية : ( إِلاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا ) (٢) والكلام فيه كما سبق.
وقال الشيخ في المبسوط (٣) ، وابن زهرة (٤) ، وابن إدريس (٥) ، يشترط لاشتماله على المنة ، ولا يجبر على قبولها كهبة العين ، ولو لم يعتبر القبول اجبر على قبول المنة ، وأجاب المصنف بالفرق بين التمليك والاسقاط.
وأقول : إنه لا شك في الفرق بين نقل الملك في الأعيان وبين إسقاط الحق من الذمة ، فإنه لو أبرأ مالك الوديعة المستودع منها مثلا لم يملكها بذلك وإن قيل ، وكذا غيره ، وكذا لو أسقط حقه من عين مملوكة له لم يخرج بذلك عن ملكه ، بخلاف الدين فإنه قابل لذلك ، لأنه ليس شيئا موجودا مملوكا فكان أشبه شيء بالعتق.
ومما يدل على عدم اشتراط القبول قوله تعالى ( إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) (٦) فاكتفى في سقوط الحق بمجرد العفو ، ومعلوم ان القبول لا دخل له في مسماه ، وللاكتفاء بمجرد العفو في الحدود والجنايات الموجبة للقصاص والخيار وكلها في معنى واحد ، والأصح عدم الاشتراط ، ولا يضر كونه هبة ، لأن بعض الهبة لما أشبه العتق اكتفي فيه الشارع بالإيجاب كبعض افراد الوقف مثل وقف المسجد.
الثانية : هل يصح هبة الدين لغير من هو عليه أم لا؟ اختلف كلام
__________________
(١) البقرة : ٢٨٠.
(٢) النساء : ٩٢.
(٣) المبسوط ٣ : ٣١٤.
(٤) الغنية ( ضمن الجوامع الفقهية ) : ٥٤١.
(٥) السرائر : ٢٨٢.
(٦) البقرة : ٢٣٧.