ولو ادعى زوال العقل حال إقراره لم تقبل دعواه إلاّ بالبينة ، وإن كان له حالة جنون فالأقرب سماع قوله.
______________________________________________________
وللشافعي اختلاف في نفوذ إقراره وبيعه ، وربّما فرق بين السكران قاصدا وغيره (١) ، وشارب المرقد كالسكران فيما قلناه.
وقوله : ( وان تعمد لغير حاجة ) يعود الى كل منهما ، فإنّه لمّا لم يكن لأحدهما عقل كامل ولا قصد صحيح لم يعتد بما يقع منه ، وكونه مؤاخذا بقضاء الصلاة لعدوانه بالتسبيب الى فواتها لا يقتضي الاعتداد بأفعاله وأقواله شرعا.
قوله : ( ولو ادعى زوال العقل حال إقراره لم تقبل دعواه إلاّ بالبينة ، ولو كان له حالة جنون فالأقرب سماع قوله ).
أمّا الحكم في الأول فلأنّه يدعي فساد إقراره محكوم بصحته ظاهرا ، ولأصل عدم حدوث مانع من صحته ، كما أنّ الظاهر كذلك أيضا. ومع عدم البينة فالقول قول المقر له بيمينه.
وقال المصنف في التذكرة : ولو لم يعلم له حالة جنون البتة لم يلتفت اليه (٢) ، وظاهر هذا عدم توجه اليمين على الآخر ، وهو بعيد ، لأنّه مدعى عليه ، غاية ما في الباب كون الدعوى بعيدة وذلك لا ينفي توجه اليمين.
وأما الحكم في الثاني فوجه القرب أنّه لما توارد عليه كل من الحالتين لم تكن له حالة معهودة ليحكم بوقوع الإقرار فيها ، والإقرار وإن كان الأصل فيه الصحة إلاّ أنّه مشروط بصدوره في حال العقل لعموم قوله عليهالسلام : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٣) ، واحتمال كل من حالتي العقل والجنون قد علم أنّه مكافئ لاحتمال الأخرى ، والجهل بالشرط موجب للجهل بصحة المشروط ، هذا مع أنّ الأصل براءة
__________________
(١) الوجيز : ١٩٥ ، المغني لابن قدامة ٥ : ٢٧٢.
(٢) التذكرة ٢ : ١٤٦.
(٣) عوالي اللآلي ٢ : ٢٥٧ حديث ٥.