______________________________________________________
ولو قدّمنا قول المقر لوجب أن يقبل قوله في المسقط كالتلف ، وهو خلاف مقتضى الخبر. أو يقال : كونها وديعة يتضمن تقديم قول المقر في الرد على المالك وفي التلف ، وذلك زائد على أصل كونها عنده ، وهو دعوى على الغير ، فبمقتضى قوله عليهالسلام : « البينة على المدعي » (١) يجب أن لا ينفذ الإقرار في ذلك ، لأنّ نفوذه إنّما هو في حق المقر دون غيره.
وربما نزّلت العبارة على أن قبول التفسير بالوديعة مشروط بعدم مخالفة المالك ، وفي الكل نظر :
أمّا الأول فلأنّا لا نسلّم أن تقديم قول المقر يقتضي خلاف مقتضى الخبر ، لأنّ ذلك إنّما يلزم لو لم تكن يده التي أقر بها لا تقتضي تقديم قوله ، أمّا معه فلا ، وذلك لأنّ الأصل براءة ذمته ، فإذا أقر بما يشغلها وجب الوقوف مع مقتضاه ، والمقر به هو الاشتغال بحكم الوديعة فلا يتجاوز الى حكم الدين وغيره.
وأمّا الثاني فلأنّ نفوذ التفسير بالوديعة يقتضي عدم شغل ذمته بالبينة على الرد أو التلف عند الاختلاف فيهما ، استنادا إلى أصالة البراءة ، وعدم تحقق شاغل سوى الوديعة المفسر بها ، فتقديم قوله ليس لكونه مدعيا ليخالف مقتضى الخبر ، بل استنادا إلى أصالة البراءة.
وأمّا الثالث فلأنّه مع مخالفته لظاهر العبارة المتبادر من قبول التفسير غير صحيح في نفسه ، لإطباقهم على قبول التفسير ، سواء صدّق عليه المالك أم لا ، ولأنّ اعتبار عدم مخالفة المالك يقتضي عدم الفرق بين هذه المسألة وغيرها.
وقد صرّح المصنف في التحرير بخلاف هذا الحكم قال : إذا قال : له عندي دراهم ثم فسّر إقراره بأنّها وديعة قبل تفسيره ، سواء فسره بمتصل أو منفصل ، فتثبت
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤١٥ كتاب القضاء والأحكام باب البينة.