______________________________________________________
الأول : عدم تكذيب الحسي بأن يكون ما يدعيه ممكنا ، فلو أقر ببنوة من هو أكبر منه سنا أو مساو له أو أصغر بما لم تجر العادة بتولده عنه لم يقبل قطعا ، وكذا لو كان بين المقر وبين أم الولد مسافة لا يمكن الوصول في عمر الولد إليها ، أو علم عدم خروج المقر الى بلد قدمته أم الولد ، ونحو ذلك.
الثاني : أن لا يكذّبه الشرع ، فلو أقر ببنوة مشهور النسب بغيره لم يعتد بإقراره ، لأنّ النسب الثابت شرعا لا ينقل. ولو صدّقه الولد أو من انتسابه اليه معلوم لم يلتفت إليه أيضا. ولو نفى نسب ولد باللعان فاستلحقه آخر ففي صحة الاستلحاق إشكال ينشأ : من أنّه أقر بنسب لا منازع له فيه فيلحق به ، ومن أنّ فيه شبهة للملاعن.
الثالث : أن لا يكذّبه المقر له ، وفي التذكرة : أن يصدّقه المقر له إن كان من أهل التصديق بأن يكون بالغا عاقلا (١) وهو أولى مما هنا ، لأنّ عدم التكذيب غير كاف في البالغ العاقل.
إذا عرفت هذا ، فلو أقر ببنوة بالغ عاقل لم يثبت ما لم يصدّقه ، سواء كذّبه أو سكت ، إلاّ أن يقيم عليه بينة ، ومع عدمها يحلف المنكر فتسقط الدعوى ، فان نكل حلف المدعي وثبت النسب. وكذا لو قال شخص لآخر : أنت أبي ، فانّ القول قول المنكر بيمينه.
واعلم أنّ قول المصنف : ( أو بمن كذّبه الولد البالغ ) المراد منه : إنّه ادعى بنوة شخص كذّبه في ذلك الولد البالغ وهو الشخص المدعى بنوته وهو بالغ ، ولكنه لمّا أقام المظهر وهو الولد مقام المضمر وهو الضمير في كذبه لو لا الإظهار وهو العائد الى الموصول صار في العبارة فساد ، ولو جعل الولد بدلا من الضمير لصار فيها تعقيد.
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١٧٠.