______________________________________________________
مَعْرُوفاً ) (١) و ( وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً ) (٢) والأوامر كثيرة في صلة الرحم ، وهذا القول ليس بعيدا من الصواب.
فإن قيل : قوله تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً ) الآية نص في المنع من ذلك ، لأن الوقف على الإنسان موادة له.
قلنا : أولا نمنع ذلك ، فإن المفهوم من الموادة غير ذلك ، ويؤيده قوله سبحانه في حق الأبوين الكافرين( وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ) ، فإنه ليس من الصحبة بالمعروف ترك صلتهما مع حاجتهما.
ولا يبعد أن يكون المراد من الآية : المباعدة لأعداء الله ، والتصلب في مجانبتهم على وجه لا يمنع صلة الرحم وحسن المصاحبة للوالدين المأمور بهما ، ويكون كل من الأمرين جاريا على ظاهره.
أو يقال : إن المباعدة بالنسبة الى كل شخص بحسب حاله ، ففي الوالدين والأقارب ما وراء الصلة المأمور بها بخلاف غيرهم.
والجواب عن قوله تعالى ( لا يَنْهاكُمُ ) الآية : أنه لا دلالة فيها على المواد ، وظاهرها يقتضي جواز الوقف على بعض الحربيين ، والمنع من بعض أهل الذمة الذين سبق منهم القتال.
ولعل المراد بها : النساء والصبيان ، إذ ليس من شأنهم القتال ، وهو قول بعض المفسرين ، بل قد قيل أنها منسوخة ، ويشكل بأنّه يلزم جواز الوقف على النساء والصبيان مطلقا ، وكيف كان فالأولى الاقتصار على الرحم ، وهو المشهور.
ووجه القرب في المنع من الوقف على الحربي : إنّ ذلك مناف للمباعدة والمجانبة المأمور بها ، لانتفاء القرابة المقتضية للصلة فيكون الوقف نوع مودة ويحتمل
__________________
(١) لقمان : ١٥.
(٢) العنكبوت : ٨.