______________________________________________________
جنى عليه كذلك : فأما أن يقتص الموقوف عليه الموجود ، أو يعفو ، أو يرضى بالفداء.
فإن أراد القصاص كان له كذلك ، لأنه المستحق الآن ، فإذا اقتص فقد استوفى الحق.
وإن عفى فهل لمن بعده من البطون الاستيفاء؟ فيه وجهان ، أقربهما عند المصنف ذلك إن لم تكن الجناية نفسا. ووجه القرب : ان الحق في الوقف لا يختص بالبطن الأول ، فإذا عفى فإنما يسقط استحقاقه دون حق باقي البطون. ويحتمل أن لا يكون لهم ذلك للسقوط بعفو الأول حين كان الحق منحصرا فيه ، وضعفه ظاهر مما سبق.
وهذا إذا لم تكن الجناية نفسا ، فإن كانت فالمفهوم من العبارة انه ليس لهم ذلك. ووجهه انه إذا جنى على نفس الموقوف بطل الوقف لفوات محله فبطل حق باقي البطون ، بخلاف ما إذا لم يكن نفسا ، لبقاء الوقف ببقاء محله ، وليس بشيء ، لاستواء النفس وما دونها في بطلان الوقف في الفائت منهما ، على أن هذا الفرق لو تم لكان لازما للمصنف مقتضاه فيما لو أوجبت الجناية ما لا بغير تفاوت ، والأصح ان لهم الاستيفاء مطلقا.
إذا تقرر ذلك ، فما الذي يستوفونه أهو المال أم القصاص؟ المتبادر من عبارة المصنف هو الثاني ، ووجهه : ان الحق للبطون وإن كان للموجودين حق المطالبة والاقتصاص ، فإذا عفوا بطل حقهم خاصة دون أصل الحق.
وحكى الشارح الفاضل قولا آخر بأن لهم المطالبة بالدية (١) ورجّحه تغليبا للعفو ، وهو محتمل ، وفي الأول قوة ، وفي الثاني أيضا قوة ، لأن له أن يعفو على مال والعفو مبني على التغليب ، وإن كان لقائل أن يقول إن هذا عفو غير صحيح ، أما العفو
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٣٩٦.