مطلقا.
وهذا لا يكون إلاّ أن يكون مقتضى الدليل قضية كلّية وقاعدة عامّة شاملة لكل موضع موضع ، من دون تفاوت ولا خصوصية ، ولا كون القضية الثابتة مهملة ، لأنّها مرادفة للجزئية المجملة التي لا تنفع أصلا ، ولا تجري في موضع مطلقا ، ولا يمكن إثبات حكم موضع واحد فضلا عن جميع المواضع ، بل القضية الثابتة من الدليل الذي يكون مستند حكمنا ـ إجماعا يكون المستند أو الحديث ـ هي الكلّية التامّة العامّة الشاملة الجارية في كلّ موضع ، كما قلنا ، بحيث لو لم يرد في اللبن الخارج عن ضرع الميتة حديث أو أمر آخر لكنّا نحكم بنجاسته أيضا ، كما كنّا نحكم بنجاسة غيره من دون تفاوت أصلا ، وليس هذا الحكم إلاّ من دليل البتّة.
فهذا الدليل في الحقيقة معارض للصحيحتين الدالّتين على الطهارة ، ومعاضد لرواية وهب المعتضدة بما ذكرنا ، ففي مقام التعارض لا بدّ من ملاحظة قوّة كلّ واحد من المتعارضين ومقاومتهما ، فلاحظ تلك القوّة الحاصلة في ذهنك عند حكمك بنجاسة المواضع الأخر بأنّها بأيّة مرتبة تكون تلك القوّة لك؟ واطمئنانك بأيّ قدر يكون؟ ثم ضمّ إلى تلك القوّة الحاصلة الظنّ الحاصل كذلك من رواية وهب وما يعضدها ، واجعل المجموع معا معارضا للصحيحتين وما يعضدهما ، فتأمّل ، ولا تقنع ببادئ نظرك ، إذ ربما كنت في مقام الحكم بنجاسة سائر المواضع مطمئنّا غاية الاطمئنان ، فكيف إذا انضمّ إلى هذا الاطمئنان التامّ الظنّ الحاصل لك من ملاحظة رواية وهب وما يعضدها؟
فإذا كان فقيه في مقام حكمه بنجاسة سائر المواضع جازما يكون جزمه من اعتقاد حصل له بإجماع ، فكيف يمكنه العمل بمضمون