الدلالة لا بدّ أن تكون مطابقة أو تضمّنا أو التزاما ، وقد عرفت أنّه أجنبي بالنسبة إلى هذه العبارة ، وأين اللزوم؟.
مع أنّه لا وجه للتخصيص بالطعام ، ولا بعبارة الحلّية ، بل اللازم التعميم ، والمناسب عبارة الطهارة. بل التخصيص بتلك العبارة يمنع من الدلالة على الطهارة ، بل الشراب أولى من الطعام بذلك ، بل التخصيص بهما يكون ظاهرا في نجاسة غيرهما ، كما يظهر من تفسير أهل البيت عليهمالسلام في أخبار صحاح كثيرة وأخرى معتبرة (١).
قوله : وتخصيصه بالحبوب. ( ٢ : ٢٩٧ ).
لا يخفى أنّ الوارد في غير واحد من الأخبار أنّ المراد منه الحبوب وأشباهها (٢). وهذه الأخبار أيضا ممّا يدلّ على نجاستهم.
ويظهر من أهل اللغة أنّ الطعام اسم للحنطة ، كما يظهر من الصحاح والمغرب وغيرهما (٣) ، ويظهر من عبارة بعضهم ضمّ دقيقها أيضا (٤).
فإنّ قلت : الحبوب وأشباهها كانت داخلة في الطيّبات في قوله تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) وعطف الخاصّ على العامّ إنّما يجوز لنكتة ، والنكتة أنّ تعليق التحليل بالطيّبات يؤذن بأنّ طعام أهل الكتاب ليس محلّلا على الإطلاق ، إذ المائع لا ينفكّ عن النجاسة غالبا ، مع أنّ هذا لا يناسب العموم ، لأنّ أكثر الأفراد من الطيّبات على ما ذكرت ، بل الكل من الطيّبات بحسب الذات. والنجاسة ـ لو عرضت ـ فعارض خارجي ، فحسن إفراده بالذكر.
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ٢٠٣ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥١.
(٢) الوسائل ٢٤ : ٢٠٣ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥١.
(٣) الصحاح ٥ : ١٩٧٤ ، المغرب ٢ : ١٤ ، القاموس ٤ : ١٤٥.
(٤) حكاه عن الأقطع في الذخيرة : ١٥١.