الأوّل : انّه يعلم أنّه من أمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يكون نبي عادة بغير شريعة.
الثاني : يعلم بالضرورة من الدين وجود تكاليف وبقاءها.
والثالث : يعلم بالضرورة خصوص الصلاة والصوم وأمثالهما ، وإن لم يكن تفصيلا ، ومتمكّن من التفصيل ، ومسامح فيه ، ومقصّر ، وتارك لما يعلمه إجمالا.
على أنّه على تقدير التسليم فمثل هذا التكليف لا يكون محالا ، لأنّ المكلف هو بنفسه جعله محالا على نفسه ، فتأمّل.
على أنّه على ما ذكره ربما يكون الصرفة بالنسبة إلى المكلفين عدم إطاعة الشارع مطلقا بان لا يتعلّموا مسائل دينهم أصلا حتى لا يكون عليهم تكليف إلاّ تكليف واحد ، وهو تكليف البحث إذا علم وجوبه ، إذ الغالب في المكلفين عدم خروجهم عن عهدة التكاليف ، وبحسب العادة يأثمون كثيرا ، والناجون من الرجال قليلون ، ومن النساء أقل وأقل.
على أنّه لو تمّ ما ذكره لزم أن لا يكون الكفار مكلفين بالفروع على ما ذهب إليه بعض العامة (١) ، وشنّع عليه باقي العامة وجميع الخاصّة ، والخاصّة مطبقون على تكليفهم بها.
وأيضا ليس حال هذا المكلف إلاّ حال عبد أعطاه سيده طومارا ملفوفا وقال : أمرتك فيه بأوامر لو تركتها أو تركت واحدا منها لعاقبتك ، وكذلك نهيتك عن أمور. ولا يفتح العبد الطومار ولا يعتني بشأنه أصلا ، استنادا إلى أنّي جاهل بما في الطومار ، وتكليف الجاهل قبيح ، بل وإنّه
__________________
(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥ و ٦٩.