تكليف بما لا يطاق ، ويقول أعصي عصيانا واحدا وأخلّص نفسي عن التكاليف الكثيرة والمتاعب الوافرة ، وجهاد النفس في كل ساعة ودقيقة ، ومن العقوبات التي لا تعدّ ولا تحصى ، وجلّ الناس مبتلون بها ، إذ بعد ملاحظة النفس ومراقبتها ومحاسبتها بالحذاقة التامة يظهر عليه أنّه في كل دقيقة مرتكب لموبقة إلاّ من عصمه الله تعالى.
مع أنّه لا شك في أنّ إرسال الرسل لتكميل النفوس الأمّارة ، وتخليصها عن الهلكات الردية والشقاوة الأبدية ، وتحصيل السعادة السرمدية ، ورفعها عن رتبة البهيمية والشيطانية ، ولذا يجب وجود الحجّة من الله تعالى في كل زمان وساعة ودقيقة ، وكان الحجج يتعبون في الإبلاغ ويسعون غاية السعي ، حتى أنّهم كانوا يقتلون ويقتلون ويأسرون ويؤسرون ، كما فعل بالحسين عليهالسلام وغيره ، وكان يحصل بذلك الفتن وخراب البلاد وهلاك العباد وغير ذلك ، بل لا شبهة في أنّ خلق الإنسان للعبادة والطاعة ، بل الدنيا جميعها مخلوقة لحصول المعرفة والعبادة. مع أنّ الحسن والقبح عندنا [ عقليان أو ذاتيان ] (١) فتأمّل.
قوله : لا بترك ذلك المجهول. ( ٢ : ٣٤٥ ).
إن كان جاهلا بأنّ الله أوجب عليه شيئا وأنّه يطلب منه شيء فكيف يتأتّى منه البحث والفحص؟ لأنّ طلب المجهول مطلقا محال ، وتكليف الغافل بالبحث عمّا هو غافل عنه محال. وإن علم أنّه يطلب منه شيء وأوجب الله عليه أمرا وتيسّر له معرفته أو تحصيله فكيف يعدّه غافلا وتكليفه تكليف الغافل؟!
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في « أ » و « و» : عقليين أو ذاتية ، وفي « ب » و « ج » و « د » : عقلية أو ذاتية ، والأنسب ما أثبتناه.