فقط ، أو يبغضه فقط ، أو لا يعجبه ولا يبغضه.
وأمّا أنّه يعجبه ويبغضه معا من الحيثيتين فمحال ، لأنّ الحبّ والبغض لا يمكن اجتماعهما في فعل واحد في زمان واحد ، والذي صدر عن العبد إنّما كان فعلا واحدا بحسب الوجود الخارجي ، ولا أجزاء له مرتبة في الخارج ، فمن هذا الفعل الواحد إن حصل للمولى السرور والطرب فكيف يمكن حصول نقيضه وهو عدم السرور وعدم الطرب؟ فضلا عن أن يكون حصل ضدّه وهو الحزن والانقباض ونفرة الطبع وأمثال ذلك ، فكيف يمكن أن يصير هذا الفعل الواحد سببا لحصول أثرين متناقضين أو متضادّين في زمان واحد ودفعة واحدة بحيث لا يكون بينهما ترتيب أصلا ولا تمايز مطلقا؟ لما عرفت من أنّ العلّة فعل واحد بسيط في الخارج لا يكون له أجزاء في الخارج أصلا ، فضلا عن أن يكون بين تلك الأجزاء ترتيب في الخارج بحيث يكون أحدها مقدما على الآخر ( بحسب الزمان في الخارج ) (١) حتى يتأتّى أن يحصل بالجزء الأوّل الفرح والمحبّة ، وبعد انقضاء الجزء الأوّل ومجيء الجزء الثاني يحصل الانقباض والكراهة والبغض ، أو بالعكس ، وهذا واضح لمن تأمّل أدنى تأمّل.
كما أنّ الفرق بينه وبين قطع الطريق المغصوب وإنقاذ الغريق الحرام والإطفاء الحرام أيضا واضح بحمد الله ، فإنّ متعلّق المحبّة مثلا هو اندفاع الضرر عن المسلم ، ومتعلّق الكراهة والبغض هو الكون والإطفاء بماء مغصوب مال شخص عطشان مضطرّ إلى ذلك الماء ، وأحدهما غير الآخر ، لأنّ الأوّل أثر ومسبّب ، بل متأخّر بحسب الزمان أيضا ، بخلاف الآخر ، فإنّه
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « د ».