فسطاط مصر لم يكن بالفسطاط غير مسجد واحد تقام الصلاة فيه يوم الجمعة وهو الجامع الذى يقال له فى مدينة مصر الجامع العتيق ويعرف بجامع عمرو ابن العاص ويقال له أيضا تاج الجوامع وما برح على هذا إلى أن وفد عبد الله ابن على بن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهم من العراق فى طلب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية فى سنة ثلاث وثلاثين ومائة فنزل بعسكره فى شمال الفسطاط فسموا المكان المذكور بالعسكر وبنوا جامعا لأداء الجمعة فيه فصارت الجمعة تقام بجامع عمرو وبجامع العسكر إلى أن بني الأمير أحمد بن طولون جامعة على جبل يشكر فى سنة تسع وخمسين ومائتين وبنى القطائع فصارت الجمعة تقام فى الثلاثة جوامع إلى أن قدم القائد جوهر من بلاد القيروان بالمغرب ومعه عسكر مولاه المعز لدين الله أبى تميم معد وبنى القاهره فبنى الجامع المعروف الآن بالجامع الأزهر فى سنة ستين وثلثمائة وبنى بها جامع الأولياء فصارت الجمعة تقام فى هذه الجوامع ثم تجدد بعد ذلك جامع الحاكم وجامع راشدة وجامع المقس ثم كثرت المساجد إلى مالا نهاية له.
قال القضاعى أنه كان بمصر سنة تسع وثلاثين وخمسمائة من المساجد ستة وثلاثون ألف مسجد وثمانية آلاف شارع مسلوك وألف ومائة وسبعون حماما وغالب هذه المساجد كان بالقرافة الكبرى ومدينة مصر والكيمان والعسكر وأرض القطائع.
ومن جملة مساجد القرافة مسجد مطل على بركة الحبش يعرف بمسجد النارنج ويقال النارنجية وكان بناؤه فى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة وكانت تهرع الناس إليه للتنزه.