من الصالحين توفى إلى رحمة الله تعالى بالقرافة ودفن بها فاجتمع أصحابه وعملوا له وقتا واستدعوا الشيخ فخر الدين ليحضر عندهم بزاوية مسعود الغرابلى وأحضروا شخصا يقال له الفصيح مشهورا بالغناء منفردا به فى زمانه فاجتمع غالب الناس لأجل سماعه فبينما الناس مجتمعون لذلك إذ حضر الشيخ وكانت له حرمة عظيمة ومعه أصحابه بين يديه وكان الفصيح شابا حسن الصورة فأحدق الناس بالشيخ فخر الدين يتأملون ماذا يصدر منه فأشار الشيخ بإبطال الفصيح وأنسكر صورة الاجتماع من أجله فسمع الفصيح ذلك فهرب خوفا من الشيخ فزهقت أنفس الناس لفوتهم الأمر الذى اجتمعوا لأجله فعلم الشيخ منهم ذلك فتكلم كلاما كثيرا ثم قال لفقير مزمزم يقال له على بن زرزور قم فطيب القوم فقام وأنشد :
كررت فى المذهب والعشق زمان |
|
حتى ظهرت أدلة العشق وبان |
ما زلت أوحد الذى أعبده |
|
حتى ارتحل الشرك عن القلب وبان |
فقام الشيخ فخر الدين ووضع عمامته على الأرض وحجل بهيبته وحرمته بوجد واستغراق فلم يبق فى المجلس إلا من طاب وكشف الخلائق رؤوسهم وصاروا صارخين متعجبين من صنع الله تعالى وكيف عوضهم الله أفضل مما فاتهم وقصته مع الملك الكامل وما اتفق من شأن الراهب مشهورة.
وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين وستمائة وإلى جانبه قبر ولده عز الدين على وفى ظاهر المقصورة قبر الشيخ جمال الدين عنبر خليفة الشيخ فخر الدين الفارسى.