كذلك إذا دخل رجلان فى المكان المذكور وأخذا واحدا من الجماعة وخرجا ثم أخذا واحدا آخر ثم أخذانى وأخرجانى إلى الباب وإذا بمتولى المدينة واقف على الباب كتفه فى خد الباب الواحد وحربته فى الخد الثانى وزبانيته بين يديه وكلما خرج واحد يتسلمونه ويذهبون به إلى المسجد فلما خرجت بقيت واقفا قدام المتولى لا هو ينظرنى ولا زبانيته ، فبينا أنا على ذلك وإذا بالحائط الذى خلفه انشق وخرج رجل عليه ثياب خضر فأخذنى وأخرجنى من الحائط وقال لى انج بنفسك وما عليك من هؤلاء فذهبت إلى جامع البلد وإذا البلد قد ارتجت لأخذ الفقراء.
وكان السبب فى ذلك أن الشيخ كان يأمر أصحابه أن لا يجتمعوا على تلك الصورة فحصل لهم ذلك لمخالفتهم الشيخ ثم إنى استحييت من الجماعة الذين كنت معهم بسبب أنى نجوت دونهم فبينما أنا كذلك وإذا بخادم الشيخ قد جاءنى وأدخلنى على الشيخ فوجدت الجماعة الذين كنت معهم حاضرين فجلست بين يدى الشيخ فقال الشيخ للجماعة ما منكم إلا من يمشى على الماء ويطير فى الهواء لما لا عملتم مثل ما عمل هذا حين دخلوا عليه.
قال أبو العباس فشكرت الله إذ مدحنى الشيخ بهذا ثم انصرفنا ، فلما كان اليوم الثانى جاءنى الخادم فحضرت معه إلى الشيخ فلما جلست نظر إلى الشيخ وأمدنى بما أمدنى ثم قال لى انصرف إلى بلدك فقد استغنيت فانصرفت وسافرت إلى أشبيلية فمنذ خرجت من بين يدى الشيخ انكشف لى العالم العلوى كشفا لا يحتجب عنى منه شىء وكنت أمشى على الأرض كالرغوة على وجه الماء فكان أهلى وأصحابى يختلفون فى فمنهم من يقول ما هو أحمد وكنت أدخل المسجد فأخلع نفسى مع نعلى وأشهد لمن أصلى ومع