إلى العين تمير بها سائر منازلها ، وبنى ممشى من شمالي القلعة إلى باب الأربعين وهو طريق بآزاج مقعودة لا تسلك إلا في الضرورة وكأنه باب سر. وزاد في حفر الخندق وأجرى فيه الماء الكثير ، وأخرق في شفير الخندق مما يلي البلد مغاير أعدها لسكنى الأسارى يكون في كل مغارة مقدار خمسين بيتا وأكثر. وبنى فيها دارا تعرف بدار العز وكان في موضعها دار للعادل نور الدين تسمى دار الذهب ودار تعرف بدار العواميد ودار الملك رضوان ، وذلك في سنة أربع وثمانين. وفيها يقول الرشيد عبد الرحمن ابن النابلسي في سنة تسع وثمانين وخمسمائة وأنشده إياها ممتدحا له :
دار حكت دارين في طيب ولا |
|
عطر بساحتها ولا عطّار |
رفعت سماء عمادها فكأنها |
|
قطب على فلك السعود تدار |
وزهت رياض نقوشها ببنفسج ١ |
|
غض وورد يانع وبهار |
نور من الأصباغ مبتهج ولا |
|
نور وإزهار ولا أزهار |
ما أينعت منها الصخور وأورقت |
|
إلا وفيها من نداك بحار |
وضحت محاسنها ففي غسق الدجى |
|
تلقى ٢ لصبح جبينها إسفار |
ومنها :
فتقر عين الشمس إن يضحي لها |
|
بفنائها مستوطن وقرار |
تربت بد رامت بها خيلا لها |
|
في غير معترك الورى إحصار |
وفوارسا شيب ٣ لظى حرب وما |
|
دعيت نزال ولم تشن مغار |
صور ترى ليث العرين تجاهه |
|
منها ولا تخشى سطاه صوار |
ومنها :
__________________
١ ـ لعل الصواب : فبنفسج ، وبذلك يتخلص البيت من الإقواء.
٢ ـ لعل الصواب : يلفى.
٣ ـ لعل الصواب : شبت.