وبعد أن تقطع خطوات تجد قبوا آخر تنزل منه بدرج على نحو عشرة أمتار إلى قبو شديد الظلمة ليس له سوى كوة واحدة يبلغ طوله نحو ٢٠ ذراعا وعرضه نحو ١٥ ذراعا ، وفيه ثلاث سوار نصفها مبني من الحجر وأعلاها مبني من القرميد ، وقد قوي هذا القرميد على صدمات الدهر ولا زال متينا ، وهذا المكان هو حبس القلعة المشهور ، وقد تقدم معك أن الكثير من الأمراء وغيرهم كانوا يحبسون فيه وهو مشهور بحبس الملك الظاهر. وبالقرب من هذا القبو جرن من المرمر فيه صورة سمكتين متقابلتين ، وهناك صورة طفلين واقفين ، وطول هذا الجرن نحو مترين وعرضه نحو ذراع وعمقه كذلك ، وقد أخرج هذا الجرن من بين الردم حديثا ، وتقدم في كلام أبي ذر أنه في سنة ٦٢٨ بنى فيها العزيز دارا إلى جانب الزردخاناه ، فهذه الدار العظيمة التي قال عنها إنه يستغرق وصفها الإطناب لم يبق منها سوى بابها العظيم الملون الأحجار بهندسة بديعة يكل اللسان عن وصفه وقد تراكمت الأتربة وراءه حتى صارت كالجبل العظيم ، وبعض أحجار هذا الباب ملقى في أرض القلعة ، وقد كتب على حجرة فوق قنطرة هذا الباب :
١ ـ البسملة
٢ ـ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر
٣ ـ ساق الماء إلى هذه القلعة المباركة في أيام مولانا ....
٤ ـ السلطان الملك الأشرف ناصر الدنيا والدين شعبان أعز الله
٥ ـ أنصاره بالإشارة العالية المولوية المالكية المخدومية السيفية منكلي بغا
٦ ـ .... كافل الممالك الشريفة الحلبية عز الله نصره بولاية العبد
٧ ـ الفقير إلى الله محمد ... الأشرفي أعزه الله في شهر المحرم سنة سبع وستين وسبعمائة.
ويلاصق هذه الدار من جهة الجنوب دار الزردخاناه ولا زال بابها موجودا وعلى قنطرتها حجرة صفراء كبيرة لم أتمكن من قراءة ما كتب عليها سوى بعض كلمات وهي الزردخاناه والتاريخ الذي في السطر الأخير وهو سنة عشر وستمائة ، وداخل هذا المكان قبو واسع لا شيء فيه.
وجنوبي هذا المكان المكان المعروف بالساتورة (بئر ماء واسع) أمامه أجران كبيرة من الحجر الأسود وداخله جرن أصفر كبير طوله متران وستون سنتيما وعمقه نصف متر