فقيل لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أترى كان يخاف أن يقتله؟
فقال : لا ولكنّه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيامة.
وأنزل الله على نبيّه (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) (١). قال : أطراف الأصابع. فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد أن تطفئ نور الله ، ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره.
وخرج أبو جهل من بين الصّفين ، فقال : اللهم (٢) ، إن محمّدا قطعنا الرّحم وأتانا بما لا نعرفه ، فأهنه (٣) الغداة.
فأنزل الله على رسوله (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ ، وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ، وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ ، وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) (٤).
ثم أخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كفا من حصاة ، فرمى به في وجوه قريش وقال : شاهت الوجوه. فبعث الله رياحا تضرب في وجوه قريش ، فكانت الهزيمة. ثمّ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : اللهم ، لا يغلبنّك (٥) فرعون هذه الأمة ، أبو جهل بن هشام.
فقتل منهم سبعين وأسر منهم سبعين.
والتقى عمرو بن الجموح مع أبي جهل ، فضرب عمرو أبا جهل على فخذه ، وضرب أبو جهل عمروا على يده فأبانها من العضد فتعلّقت بجلدة. فاتكأ عمرو على يده برجله ، ثمّ تراخى (٦) في السّماء حتّى انقطعت الجلدة ورمى بيده.
وقال عبد الله بن مسعود : انتهيت إلى أبي جهل وهو يتشحّط بدمه ، فقلت : الحمد لله الّذي أخزاك.
فرفع رأسه ، فقال : إنّما أخزى الله عبد بن أمّ عبد. لمن الدين (٧) ، ويلك؟
قلت : لله وللرّسول ، وإنّي قاتلك ، ووضعت رجلي على عنقه.
__________________
(١) الأنفال / ١٢.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : فأحنه ، أي : أهلكه.
(٤) الأنفال / ١٩.
(٥) المصدر : لا يفلتن.
(٦) المصدر : نزا.
(٧) الدين هنا : القهر والغلبة والاستعلاء.