(فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) (١). وقال لغيره : (إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) (٢). فعليّ لم يجد فئة. ولو وجد فئة ، لقاتل.
ثمّ قال : لو كان جعفر وحمزة حيّين ، إنّما هما رجلان (٣). قال : (مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ). قال : متطرّفا (٤) يريد الكرة عليهم. «أو متحيزا» ، يعني : متأخرا إلى أصحابه من غير هزيمة. فمن انهزم حتى يخوض (٥) صفّ أصحابه ، (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ).
عن زرارة (٦) ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : قلت : الزّبير شهد بدرا؟
قال : نعم ، ولكنّه فرّ يوم الجمل. فإن كان قاتل المؤمنين ، فقد هلك بقتاله إياهم. وان كان قاتل كفّارا ، (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) ، حين ولّاهم دبره.
[سئل] (٧) عن أبي جعفر (٨) ـ عليه السّلام ـ ما شأن أمير المؤمنين حين ركب منه ما ركب ، [لم يقاتل] (٩).
فقال : للّذي (١٠) سبق في علمه أن يكون. ما كان لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أن يقاتل وليس معه إلّا ثلاثة رهط (١١) ، فكيف يقاتل؟ ألم تسمع قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً ـ إلى ـ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). فكيف يقاتل أمير المؤمنين بعدها ، وإنّما هو يومئذ ليس معه [مؤمن] (١٢) غير ثلاثة رهط.
وفي كتاب الخصال (١٣) ، في مناقب أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وتعدادها : وقال ـ عليه السّلام ـ : وأمّا الثّالثة والسّتّون ، فاني لم أفرّ من الزّحف قطّ ، ولم يبارزني أحد إلّا سقيت الأرض من دمه.
وفي عيون الأخبار (١٤) ، في باب ما كتب به الرضا ـ عليه السّلام ـ إلى محمد بن سنان
__________________
(١) النساء / ٨٤.
(٢) الانفال / ١٦.
(٣) للعلامة المجلسي ـ رحمه الله ـ بيان فيه. راجع البحار (ط. الكمباني) ٨ / ١٥٢.
(٤) المصدر : «متطرّدا» ، أي : متباعدا.
(٥) المصدر : يجوز.
(٦) تفسير العيّاشي ٢ / ٥١ ، ح ٢٩.
(٧) ما بين المعقوفتين منّا.
(٨) تفسير العيّاشي ٢ / ٥١ ، ح ٣٠.
(٩) من المصدر.
(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الله من ، بدل : للّذي.
(١١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : برهط. (١٢) من المصدر. (١٣) الخصال / ٥٨٠.
(١٤) العيون ٢ / ٩٢.