قالوا : ومن أنت ، يا شيخ؟
قال : أنا شيخ من مصر (١) ، ولي رأي أشير به عليكم.
فدخلوا وجلسوا وتشاوروا ، وهو جالس. وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه.
قال : ليس هذا بكم برأي. إن أخرجتموه ، جلب عليكم النّاس فقاتلوكم.
قالوا : صدقت ، ما هذا برأي.
ثمّ تشاوروا ، وأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه.
قال : هذا ليس برأي. إن فعلتم هذا ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ رجل حلو اللّسان ، أفسد عليكم أبناءكم وخدمكم. وممّا (٢) ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه وامرأته.
ثمّ تشاوروا ، فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه. يخرجون من كلّ بطن منهم بشاهر ، فيضربونه بأسيافهم جميعا عند الكعبة.
ثمّ قرأ هذه الآية : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ). (الآية).
عن زرارة وحمران (٣) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [وأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ] (٤) قوله : (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ).
قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد كان لقي من قومه بلاء شديدا. حتى أتوه ذات يوم ، وهو ساجد ، حتى طرحوا (٥) عليه رحم شاة. فأتته ابنته ، وهو ساجد لم يرفع رأسه ، فرفعته عنه ومسحته. ثمّ أراه الله بعد ذلك الّذي يحبّ. إنه كان ببدر وليس معه غير فارس واحد ، ثمّ كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا ، حتى جعل أبو سفيان والمشركون يستغيثون (٦). ثمّ لقي أمير المؤمنين من الشّدة والبلاء والتّظاهر عليه ، ولم يكن معه أحد من قومه بمنزلته. أما حمزة فقتل يوم أحد ، وأما جعفر فقتل يوم مؤنة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) ، في هذه الآية : أنّها نزلت بمكة قبل الهجرة. وكان سبب نزولها ، أنّه لما أظهر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الدعوة بمكّة ، قدمت عليه
__________________
(١) المصدر : بني مضر.
(٢) المصدر : ما.
(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ٥٤ ، ح ٤٣.
(٤) من المصدر.
(٥) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : طردوا.
(٦) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : يستعينون.
(٧) تفسير القمي ١ / ٢٧٢ ـ ٢٧٦.