(وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) : فيجمعه ويضمّ بعضه إلى بعض ، حتّى يتراكبوا لفرط ازدحامهم. أو يضمّ إلى الكافر ما أنفقه ليزيد به عذابه ، كما للكانزين.
(فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ) : إشارة الى الخبيث ، لأنّه مقدر بالفريق الخبيث. أو إلى المنفقين.
(هُمُ الْخاسِرُونَ) (٣٧) : الكاملون في الخسران ، لأنّهم خسروا أنفسهم وأموالهم.
وفي علل الشّرائع (١) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ في حديث : إنّ الله ـ سبحانه ـ مزج طينة المؤمن حين أراد خلقه بطينة الكافر ، فما يفعل المؤمن من سيئة فإنّما هو من أجل ذلك المزاج. وكذلك مزج طينة الكافر حين أراد خلقه بطينة المؤمن ، فما يفعل الكافر من حسنة فإنّما هو من أجل ذلك المزاج.
أو لفظ هذا معناه قال : فإذا كان يوم القيامة ، ينزع الله ـ تعالى ـ من العدوّ النّاصب سنخ المؤمن ومزاجه وطينته وجوهره وعنصره مع جميع أعماله الصّالحة ويرده على المؤمن. وينزع الله ـ تعالى ـ من المؤمن سنخ النّاصب ومزاجه وطينته وجوهره وعنصره مع جميع أعماله السّيّئة الرّديئة ، ويردّه إلى الناصب عدلا منه ـ جلّ جلاله ـ وتقدّست أسماؤه. ويقول للنّاصب : لا ظلم عليك بهذه الأعمال الخبيثة من طينك ومزاجك ، وأنت أولى بها. وهذه الأعمال الصّالحة من طينة المؤمن ومزاجه وهو أولى بها. لا ظلم اليوم ، إنّ الله سريع الحساب.
ثم قال : أزيدك في هذا المعنى من القرآن ، أليس الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ ، وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ ، أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٢). وقال ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ. لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
__________________
(١) عنه تفسير الصافي ٢ / ٣٠٢ ، وشرحه في الوافي المجلد ١ الجزء ٣ / ١١ ـ ١٣. والحديث موجود في علل الشرايع / ٦٠٦ ، ح ٨١. ولكن لم يرد فيه ذكر للآيتين الواردتين في ذيل الحديث.
(٢) النّور / ٢٦.