(وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٤٨) : يجوز أن يكون من كلامه ، وأن يكون مستأنفا.
وفي مجمع البيان (١) : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) (الآية). اختلف في ظهور الشّيطان يوم بدر كيف كان.
فقيل : إنّ قريشا لمّا أجمعت المسير ، ذكرت الّذي بينها وبين بني بكر بن عبد مناف بن كنانية من الحرب وكاد ذلك أن يثبتهم (٢). فجاء إبليس في جند من الشياطين. فتبدى لهم في صورة سراقة بن مالك بن خيثم (٣) الكنانيّ ، ثمّ المدلجيّ وكان من أشراف كنانة (وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) ، أي : مجيركم من كنانة. فلمّا رأى إبليس الملائكة نزلوا من السّماء وعلم أنّه لا طاعة له بهم (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ). عن ابن عبّاس والسّديّ والكلبيّ وغيرهم.
وقيل : إنّهم لمّا التقوا ، كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه.
فقال له الحارث : يا سراقة ، أتخذلنا على هذه الحال!؟
فقال له : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ).
فقال : والله ما نرى إلّا جعاسيس (٤) يثرب. فدفع في صدر الحارث وانطلق وهزم الناس.
فلمّا قدم (٥) مكّة قالوا : هزم الناس سراقة. [فبلغ ذلك سراقة] (٦) فقال : والله ما شعرت بمسيركم حتّى بلغني هزيمتكم.
فقالوا : إنّك أتيتنا يوم كذا! فحلف لهم. فلمّا أسلموا ، علموا أنّ ذلك كان الشّيطان. عن الكلبيّ. وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين قال : لمّا عطش القوم بيوم بدر ، انطلق عليّ بالقربة ليستقي. وهو على القليب إذ جاءت
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٥٤٩.
(٢) المصدر : يثنيهم.
(٣) المصدر : جشعم.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : جواسيس. والجعاسيس : جمع الجعسوس : القصير الدميم
(٥) المصدر : قدموا.
(٦) من المصدر.
(٧) تفسير العيّاشي ٢ / ٦٥ ، ح ٧٠.