فقالت : أتصدّق!؟ وكيف أتصدّق بها وليس لي غيرها؟! فطافت بالبيت عريانة. وأشرف عليها النّاس. فوضعت إحدى يديها على قبلها والأخرى على دبرها وقالت :
اليوم يبدو بعضه أو كلّه |
|
فما بدا منه فلا أحلّه |
فلمّا فرغت من الطّواف ، خطبها جماعة.
فقالت : إنّ لي زوجا.
وكانت سيرة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله ، ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده. وقد كان نزل عليه في ذلك من الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) (١). فكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لا يقاتل أحدا قد تنحّى عنه واعتزله حتّى نزلت عليه سورة براءة ، وأمره [الله] (٢) بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله ، إلّا الّذين قد كان عاهدهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم فتح مكّة إلى مدّة. منهم صفوان بن أميّة ، وسهيل بن عمرو. فقال الله ـ عزّ وجلّ ـ : «براءة من الله ورسوله إلى الّذين عاهدتم من المشركين ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» ثمّ يقتلون حيث ما وجدوا. فهذه أشهر السّياحة ، عشرون من ذي الحجّة الحرام والمحرّم وصفر وربيع الأوّل ، وعشر (٣) من ربيع الآخر.
فلمّا نزلت الآيات من أوّل براءة ، دفعها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى أبي بكر ، وأمره أن يخرج إلى مكّة ويقرأها على النّاس بمنى (٤) يوم النّحر.
فلمّا خرج أبو بكر ، نزل جبرئيل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا محمّد ، لا يؤذي عنك إلّا رجل منك.
فبعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في طلبه. فلحقه بالروحاء ، فأخذ منه الآيات.
فرجع أبو بكر إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، أنزل فيّ
__________________
(١) النساء / ٨٩.
(٢) من المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : عشرين.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : يمسي.