من (١) عرف الفضل ما بين النّورين وصفاء أحدهما على الآخر. ولكن قس لي رأسك (٢) ، أخبرني عن أذنيك ما لهما مرّتان؟
قال : لا أدري.
قال : فأنت لا تحسن أن تقيس رأسك ، [فكيف] (٣) تقيس الحلال والحرام.
قال : يا ابن رسول الله ، أخبرني ما هو؟
قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ جعل الأذنين مرّتين لئلّا يدخلهما شيء إلّا مات ، ولو لا ذلك لقتل ابن آدم الهوامّ. وجعل الشّفتين عذبتين (٤) ليجد ابن آدم طعم الحلو والمرّ. وجعل العينين مالحتين لأنّهما شحمتان ، ولولا ملوحتهما لذابتا. وجعل الأنف باردا سائلا لئلّا يدع في الرّأس داء إلّا أخرجه ، ولولا ذلك لثقل الدّماغ وتدوّد.
وبإسناده (٥) إلى ابن شبرمة قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ فقال لأبي حنيفة : اتّق الله ولا تقس الدّين برأيك ، فإنّ أوّل من قاس إبليس.
أمره الله ـ عزّ وجلّ ـ بالسّجود لآدم ، فقال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وبإسناده (٦) إلى ابن أبي ليلى قال : دخلت أنا والنّعمان على جعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ فرحّب بنا.
فقال : يا ابن أبي ليلى ، من هذا الرّجل؟
قلت : جعلت فداك ، هذا رجل من أهل الكوفة له رأي ونظر ونقاد.
قال : فلعلّه الّذي يقيس الأشياء برأيه. ثمّ قال : يا نعمان ، إيّاك والقياس. فإنّ أبي حدّثني عن آبائه أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : من قاس شيئا في (٧) الدّين برأيه ، قرنه الله مع إبليس في النّار فإنّه أوّل من قاس حين قال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
__________________
(١) ليس في المصدر.
(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «ما سألت» بدل «رأسك».
(٣) من المصدر.
(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : عند تبيين.
(٥) العلل / ٨٦ ، صدر ح ٢.
(٦) نفس المصدر / ٨٨ ـ ٨٩ ، ح ٤.
(٧) المصدر : من.