الغاية ، وهو ملاكه. ولذلك أمر الملائكة بسجوده له لما بيّن لهم أنّه أعلم منهم ، وأنّ له خواصّ ليست لغيره.
وقيل (١) : الآية دليل الكون والفساد ، وأنّ الشّياطين أجسام كائنة. وفيه نظر ، لأنّها إنّما تدلّ على الكون والفساد لو كان حدوث المركّبات بزوال صور البسائط ، وليس كذلك ، كما حقّق في موضعه. ولعلّ إضافة خلق الإنسان إلى الطّين والشّيطان إلى النّار ، باعتبار الجزء الغالب.
وفي أصول الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن [الحسن بن] (٣) عليّ بن يقطين ، عن الحسين بن ميّاح (٤) ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ إبليس قاس نفسه بآدم فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ). فلو قاس الجوهر الّذي خلق الله منه آدم ـ عليه السّلام ـ بالنّار ، كان ذلك أكثر نورا وضياء من النّار.
وبإسناده (٥) إلى داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم ، وكان في علم الله أنّه ليس منهم. فاستخرج ما في نفسه من الحميّة فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).
وفي كتاب علل الشّرائع (٦) ، بإسناده إلى جعفر بن محمّد بن عمارة (٧) القرشيّ رفع الحديث قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
فقال له : يا أبا حنيفة ، بلغني أنّك تقيس. قال : نعم ، أنا أقيس.
قال : لا تقس ، فإنّ أوّل من قاس إبليس حين قال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ). فقاس ما بين النّار والطّين. ولو قاس نوريّة آدم ـ عليه السّلام ـ بنوريّة النّار ،
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٣.
(٢) الكافي ١ / ٥٨ ، ح ١٨.
(٣) من المصدر.
(٤) كذا في المصدر ، وجامع الرواة ١ / ٢٥٧.
وفي النسخ : «صباح» بدل «مياح». وفي «ب» : «الحسن» بدل «الحسين».
قال الأردبيلي في جامع الرواة : الظاهر أنّ الحسن مكبرا سهو لعدم وجوده في كتب الرجال ـ والله أعلم ـ.
(٥) الكافي ٢ / ٣٠٨ ، ح ٦.
(٦) العلل / ٨٦ ، ح ١.
(٧) المصدر : «عيسى بن عبد الله» بدل «جعفر بن محمد بن عمارة».