لاستثقاله إيّاه وعلمه ، أنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب (١) الّتي كانت يصلح لها.
فهلّا نقضت (٢) دعواه بقولك : أليس قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الّذين هم الخلفاء الرّاشدون في مذهبكم؟ وكان لا يجد بدا من قوله لك : بلى.
قلت له (٣) حينئذ : أليس كما علم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّ الخلافة من بعده لأبي بكر ، علم أنها من بعد أبي بكر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعليّ ـ عليه السّلام ـ فكان ـ أيضا ـ لا يجد بدّا من قوله لك : نعم.
ثمّ كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يخرجهم جميعا على التّرتيب (٤) إلى الغار ، ويشفق عليهم ، كما أشفق على أبي بكر. ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم ، وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم.
وفي كتاب علل الشّرائع (٥) ، بإسناده إلى ابن مسعود قال : احتجّوا في مسجد الكوفة ، فقالوا : ما بال أمير المؤمنين لم ينازع الثّلاثة ، كما نازع طلحة والزّبير وعائشة ومعاوية؟
فبلغ ذلك عليا ـ عليه السّلام ـ فأمر أن ينادى : الصلاة الجامعة. فلمّا اجتمعوا ، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه. ثمّ قال : يا معاشر النّاس ، إنّه بلغني عنكم كذا وكذا.
قالوا : صدق أمير المؤمنين ، قد قلنا ذلك.
قال : إنّ لي بسنة الأنبياء قبلي (٦) اسوة فيما فعلت. قال الله ـ تعالى ـ في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٧).
قالوا : ومن هم ، يا أمير المؤمنين.
قال : أوّلهم إبراهيم ـ عليه السّلام ـ.
ـ إلى أن قال ـ : ولي بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أسوة حين فرّ من قومه ولحق
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : للخطور.
(٢) المصدر : نقضت عليه.
(٣) في المصدر : «فكيف تقول» بدل «له».
(٤) المصدر : [على الترتيب].
(٥) علل الشرائع ١٤٨ ـ ١٤٩ ، ح ٧.
(٦) ليس في المصدر.
(٧) الأحزاب : ٢١.