رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، حسدتهم إخوتهم بنو غنم بن عوف ، وقالوا : نبني مسجدا نصلي فيه ولا نحضر جماعة محمّد. فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء ، وقالوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو يتجهز إلى تبوك : إنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه.
فقال : إني على جناح سفر.
ولمّا انصرف من تبوك ، نزلت. فأرسل من هدم المسجد وأحرقه ، وأمر أن يتّخذ مكانه كناسة تلقى فيها الجيف والقمامة.
(ضِراراً) : مضارة للمؤمنين : أصحاب مسجد قباء.
(وَكُفْراً) : وتقوية للكفر الّذي يضمرونه.
(وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) : يريد الّذين كانوا يجتمعون للصّلاة في مسجد قباء ، وأرادوا أن يتفرّقوا عنه وتختلف كلمتهم.
(وَإِرْصاداً) : وإعدادا وترقّبا.
(لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ) ، يعني : أبا عامر الرّاهب.
قيل (١) : بنوه على قصد أن يؤمهم فيه أبو عامر ، إذا قدم من الشّام «من قبل» متعلّق «بحارب». أو «باتّخذوا» ، أي : اتخذوا مسجدا من قبل أن ينافق هؤلاء بالتّخلّف.
وفي الجوامع (٢) : إنّه كان قد ترهب في الجاهلية ، وليس المسوح. فلما قدم النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ المدينة ، حسده وحزب عليه الأحزاب. ثمّ هرب بعد فتح مكّة ، وخرج إلى الرّوم وتنصر. وكان هؤلاء يتوقعون رجوعه إليهم ، وأعدّوا هذا المسجد له ليصلي فيه ويظهر على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وإنّه كان يقاتل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في غزواته. إلى أن هرب إلى الشّام ، ليأتي من قيصر بجنود. يحارب بهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ومات بقنسرين (٣) وحيدا.
(وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى) : ما أردنا بنيانه إلّا الخصلة الحسنى ، أو الإرادة الحسنى. وهي الصّلاة والذّكر ، والتّوسعة على المصلين.
__________________
(١) تفسير الصافي ٢ / ٣٧٥.
(٢) الجوامع / ١٨٦.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : «بعترين» بدل «بقنسرين».