رضاك وندبت إليه أولياءك ، وجعلته أشرف سبلك (١) عندك ثوابا وأكرمها لديك مآبا وأحبّها إليك مسلكا. ثمّ اشتريت فيه (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ، يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا). فاجعلني ممّن اشترى فيه منك نفسه ، ثمّ وفى لك ببيعه الّذي بايعك عليه ، غير ناكث ولا ناقض عهدا ولا مبدّلا تبديلا.
والدّعاء طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : قال : نزلت في الأئمة ـ صلوات الله عليهم ـ.
حدثني أبي (٣) ، عن بعض رجاله قال : لقي الزّهريّ عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ في طريق الحجّ.
فقال له : يا عليّ بن الحسين ، تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحجّ ولينته. إن الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ، يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ، وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
فقال عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ : إنّما هم الأئمة ـ صلوات الله عليهم ـ.
فقال : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ ـ إلى قوله ـ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
فقال له عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهما ـ : إذا رأينا هؤلاء الّذين هذه صفتهم ، فالجهاد معهم أفضل من الحجّ.
وفيه (٤) ـ أيضا ـ : أنزلت في الأئمّة ، لأنّه وصفهم بصفة لا تجوز في غيرهم.
فالآمرون بالمعروف هم الّذين يعرفون المعروف كلّه ، صغيره وكبيره ودقيقه وجليله (٥) و (النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) هم الّذين يعرفون المنكر كلّه ، صغيره وكبيره. و (الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) هم الّذين يعرفون حدود الله ، صغيرها وكبيرها ودقيقها وجليلها (٦). ولا يجوز أن يكون بهذه الصّفة غير الأئمّة.
وفي نهج البلاغة (٧) : إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلّا الجنّة ، فلا تبيعوها إلّا بها.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : سبيلك.
(٢) تفسير القمي ١ / ٣٠٦.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) تفسير القمي ١ / ٣٠٦ بتصرّف في صدره.
(٥) المصدر : جليّه.
(٦) المصدر : جليّها.
(٧) نهج البلاغة / ٥٥٦ ، ذيل حكمة ٤٥٦.