قلت : جعلت فداك ، إني سألت أباك وهو نازل في هذا الموضع عن خليفته من بعده ، فدلّني عليك. وقد سألتك منذ سنين ، وليس لك ولد ، على (١) الإمامة فيمن تكون من بعدك؟ فقلت : في ولدي. وقد وهب لك ابنين ، فأيّهما عندك بمنزلتك التي كانت عند أبيك؟
فقال لي : هذا الّذي سألت عنه ليس هذا وقته (٢).
فقلت : جعلت فداك ، قد رأيت ما ابتلينا به في أبيك ولست آمن الأحداث.
فقال : كلّا إن شاء الله ، لو كان الّذي يخاف (٣) كان منّي في ذلك حجّة أحتجّ بها عليك وعلى غيرك. أما علمت أن الإمام ، الفرض عليه والواجب من الله إذا خاف الفوت على نفسه أن يحتجّ في الإمام من بعده وبحجّة معروفة مثبتة (٤)؟ إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في كتابه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ). فطب نفسا وطيّب نفس أصحابك ، فان الأمر يجيء على غير ما تحذرون (٥).
وفي تفسير العيّاشيّ (٦) : عليّ بن أبي حمزة قال : قلت لأبي الحسن ـ عليه السّلام ـ : إنّ أباك أخبرنا بالخلف من بعده ، فلو خبّرتنا به.
قال : فأخذ بيدي ، فهزّها.
ثمّ قال : (ما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ).
وفي كتاب التوحيد (٧) : حدثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه ، محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمزة بن الطّيار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ).
قال : حتّى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.
حدّثنا (٨) [محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) ، قال : حدثنا] (٩) محمّد بن
__________________
(١) المصدر : من (عن ـ خ ل)
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : وفيه.
(٣) المصدر : تخاف.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : والحجة معروفة مبيّنة. وفي بعض نسخ المصدر : «مبنية» «مثبتة».
(٥) المصدر : يحذرون إن شاء الله تعالى.
(٦) تفسير العيّاشي ٢ / ١١٥ ، صدر ح ١٤٩.
(٧) التوحيد / ٤١١ ، صدر ح ٤.
(٨) نفس المصدر / ٤١٤ ، ذيل ح ١١.
(٩) من المصدر.