وفي كتاب التّوحيد (١) : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن عمران الدّقاق (٢) ـ رحمه الله ـ قال : حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ قال : حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكيّ قال : حدّثنا الحسين بن الحسن قال : حدّثنا أبي ، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن العرش والكرسيّ.
فقال : إنّ للعرش صفات كثير مختلفة ، له في كلّ سبب وضع في القرآن صفة على حدة. فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يقول : الملك العظيم. وقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٣) يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفيّة في الأشياء. ثمّ العرش في الوصل متفرد (٤) من الكرسيّ ، لأنّهما بابان من أكبر أبواب الغيوب. وهما جميعا غيبان.
وهما في الغيب مقرونان ، لأنّ الكرسيّ هو الباب الظاهر من الغيب الّذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلّها ، والعرش هو الباب الباطن الّذي يوجد فيه علم الكيف والكون والحدّ والقدر والأين والمشيئة وصفة الإرادة وعلم الألفاظ والحركات والتّرك وعلم العود والبدء. فهما في العلم بابان مقرونان ، لأنّ ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسيّ. فمن ذلك قال : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ، اي : صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان.
وفي أصول الكافي (٥) : محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن جعفر ، عن السّياريّ ، عن محمّد بن بكر ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : قام إليه رجل.
فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ أرضي [أرض] (٦) مسبعة ، وأنّ السّباع تغشى منزلي ، ولا تجوز حتّى تأخذ فريستها.
فقال : اقرأ (لَقَدْ جاءَكُمْ ـ إلى ـ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).
فقرأها الرّجل فاجتنبته السّباع.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي من لا يحضره الفقيه (٧) ، في وصيّة النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه
__________________
(١) التوحيد / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، صدر ح ١.
(٢) المصدر : علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق.
(٣) طه / ٥.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : منفرد.
(٥) الكافي ٢ / ٦٢٥ ، ضمن ح ٢١.
(٦) من المصدر.
(٧) الفقيه ٤ / ٢٦٨.